للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثالثًا: ما رواه أبو داود عن ابن محيصة عن أبيه أنه استأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في إجارة الحجام، فنهاه عنها، فلم يزل يسأله ويستأذنه حتى أمره أن أعلفه ناضحك ورقيقك (١).

القول الثالث: أنه مباحٌ، وهو قول الجمهور (أبو حنيفة (٢) ومالك (٣) والشافعي (٤) وأحمد في رواية (٥))، واستدلوا على ذلك بما جاء في "الصَّحيحَين" عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم، وأعطى الحجام أجرَه، ولو يعلمه حرامًا لما أعطاه (٦).


(١) أخرجه أبو داود (٣٤٢٢)، وصَحَّحه الأَلْبَانيُّ في "الصحيحة" (٤٠٠٠).
(٢) يُنظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (٨/ ٢١) قال: (والحجام) أيْ: جاز أخذ أجرة الحجام لما روي أنه -عليه الصلاة والسلام- "احتجم وأعطى أجرته"، وبه جرى التعارف بين الناس من لدن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى يومنا هذا، فانعقد إجماعًا.
(٣) يُنظر: "النوادر والزيادات" لابن أبي زيد (٤/ ٣٨٤) قال: ولا يَكْره مَالكٌ وأصحابه كسبَ الحجَّام، وإنما يعافه مَنْ تنزَّه عنه من ناحية التكرُّم، وقد أَعْطَى النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا طيبة على ذلك أجرًا، وكانت قريش تتنزه عنه.
(٤) يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي وحواشي الشرواني والعبادي (٩/ ٣٨٨)، قال: ولم يحرم لأنه " -صلى الله عليه وسلم- أعطى حاجمه أجرته"، رواه البخاري، ولو حرم لم يعطه؛ لأنه حيث حرم الأخذ حرم الإعطاء.
(٥) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" (٢/ ٢٥٩) قال: (وصح استئجار لحجم كفصد)، ولا يحرم أجره؛ لحديث ابن عباس "احتجم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأعطى الحجام أجره، ولو علمه حرامًا لم يعطه"، متفق عليه. وفي لفظ: "لو علمه خبيثًا لم يعطه"، ولأنه نفع مباح أشبه البناء، ولدعاء الحاجة إليه (وكره لحرِّ أكل أجرته و) أكل (مأخوذ بلا شرط عليه)، أيْ: الحجم (ويطعمه) الحاجم (رقيقًا وبهائم)؛ لحديث: "كسب الحجام خبيث"، متفق عليه، وقال: "أطعمه ناضحك ورقيقك"، فعلم منه أنه ليس بحرام، وقد سمى -عليه الصلاة والسلام- الثوم والبصل خبيثين مع عدم تحريمهما، وإنما كرهه للحر تنزيهًا له لدناءة هذه الصناعة، وكذا أجرة كسح كنيف. وانظر: "المغني" لابن قدامة (٥/ ٣٩٩).
(٦) أخرجه البخاري (٥٦٩١)، ومسلم (١٢٠٢)، ولفظه: "أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- احتجم، وأعطى الحجام أجره، واستعط".

<<  <  ج: ص:  >  >>