للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صورة المسألة: أن يقول رجلٌ لآخر: أؤجرك هذه الدار على أن أسكن دارك، فذهب مالك (١) والشافعي (٢) وأحمد (٣) إلى جواز ذلك.

ومنعه أبو حنيفة (٤)؛ لأنها من جنسٍ واحدٍ، فتكون من ربا النسيئة.

قُلْتُ: وهذا تعليل ضعيفٌ؛ لأن ربا النسيئة جاء في أصنافٍ معينةٍ، قال النبى -صلى الله عليه وسلم-: "الذَّهب بالذَّهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلًا بمثلِ، يدًا بِيَدٍ، فإذا اختلفت هذه الأجناس فَبيعُوا كيف شئتم" (٥)، فالدُّورُ ليستَ من الأجناس الربوية، فالراجح ما ذَهَب إليه الجمهور، وهو القول بالجواز.


(١) يُنظر: "المدونة" (٣/ ٥١٧) قال: في الرجل يستأجر الدار بسكنى داره، قُلْتُ: أرأيت إن استأجرت منك سكنى دارك هذه السنة بسكنى داري هذه، أيَجُوز هذا في قول مالكٍ؟ قال: هو عندي جائز ولا بأس به.
(٢) يُنظر: "المهذب" للشيرازي (٢/ ٢٥١) قال: ويجوز إجارة المنافع من جنسها، ومن غير جنسها؛ لأنَّ المنافع في الإجارة كالأعيان في البيع، ثم الأعيان يجوز بيع بعضها ببعض، فكذلك المنافع.
(٣) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٣/ ٥٥٦) قال: (ويجوز إجارة دار بسكنى دار) أخرى (و) بـ (خدمة عبد و) بـ (تزويج امرأة) لقصة شعيب -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه جعل النكاح عوض الأجرة، ولأن كل ما جاز أن يكون ثمنًا في البيع، جاز عوضًا في الإجارة، فكما جاز أن يكون العوض عينًا، جاز أن يكون منفعةً؛ سواء كان الجنس واحدًا كالأول، أو مختلفًا كَالثَّانِي. قال المجد في "شرحه": فإذا دفعت عبدك إلى خياط أو قصار أو نحوهما ليعلمه ذلك العمل بعمل الغلام سنة، جاز ذلك فى مذهب مالك وعندنا.
(٤) يُنظر: "الدر المختار" للحصكفي و"حاشية ابن عابدين" (٦/ ٦٢) قال: (إجارة المنفعة بالمنفعة تجوز إذا اختلفا) جنسًا، كاستئجار سكنى دار بزراعة أرض (وإذا اتحدا لا) تجوز كإجارة السكنى بالسكنى، واللبس باللبس والركوب، ونحو ذلك، لما تقرر أن الجنسَ بانفراده يحرم النساء، فيجب أجر المثل باستيفاء النفع كما مر لفساد العقد.
(٥) أخرجه مسلم (١٥٨٧) ولفظه: "الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلًا بمثل، سواء بسواء، يدًا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدًا بيد".

<<  <  ج: ص:  >  >>