للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى مكانٍ ما، وربما يستأجرها أيامًا، فلا بد من ضرب الأجل، وتحديد المدة.

قوله: (وَذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ، وَطَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ إِلَى جَوَازِ إِجَارَاتِ المَجْهُولَاتِ مِثْلَ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ حِمَارَهُ لِمَنْ يَسْقِي عَلَيْهِ، أَوْ يَحْتَطِبُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ مَا يَعُودُ عَلَيْهِ).

هذه مسألةٌ مهمةٌ تتعلق بالعصر الحاضر، وهي إجارة المجهولات (مِثْلَ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ حِمَارَهُ لِمَنْ يَسْقِي عَلَيْهِ، أَوْ يَحْتَطِبُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ مَا يَعُودُ عَلَيْهِ)، ومثل أن يعطي إنسان آخَر سيارته ليعمل عليها بنصف دخلها أو بثلثها أو ربعها مثلًا، أو أن يحصد أرضه بجزءٍ معلومٍ مما يخرج منها، أو أن يرعى له غنمه على جزءٍ معلومٍ منها.

قال المؤلف رَحِمْه الله: (وَذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ، وَطَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ إِلَى جَوَازِ إِجَارَاتِ المَجْهُولَاتِ)، فنسب القول بالجواز إلى أهل الظاهر (١)، وبه قال أحمد (٢) رَحِمْه الله، ولكن ابن رشدٍ ليس خبيرًا بمذهب أحمد، فلم يذكره.

والَّذين أَجَازوا هذه الصورة، أجازوها قياسًا على المضاربة والمساقاة، وهذا القول هو الصحيح؛ لأنه لا فَرْقَ بين هذه الصورة وبين المضاربة والمساقاة، وهي جائزةٌ، أمَّا دعوى الجهالة فضعيفٌ، فمَنْ أعطى


(١) يُنظر: "المُحلَّى" (٧/ ٤٤)، قال: ولا يحل في زرع الأرض إلا أحد ثلاثة أوجه … وإما أن يعطي أرضه لمَنْ يزرعها ببذره وحيوانه وأعوانه وآلته بجزءٍ، ويكون لصاحب الأرض مما يخرج الله تعالى منها مسمى، إما نصف، وإما ثلث، أو ربع، أو نحو ذلك أكتر أو أقل، ولا يشترط على صاحب الأرض ألبتة شيء من كل ذلك، ويكون الباقي للزارع قل ما أصاب أو كثر، فَإنْ لم يصب شيئًا، فلا شيء له، ولا شيء عليه، فهذه الوجوه جائزة، فمَنْ أبي فليُمْسك أرضه.
(٢) يُنظر: "منتهى الإرادات" لابن النجار (٣/ ٣٧) قال: "وَيصحُّ دفع عبدٍ أو دابَّةٍ لمن يعمل به بجزءٍ من أجرته، وخياطة ثوب، ونسج غزل، وحصاد زرع، ورضاع قن، واستيفاء مال، ونحوه".

<<  <  ج: ص:  >  >>