للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سيارته لشخصِ يعمل عليها ليومٍ أو لشهرٍ على نصف ما يخرج منها أو ثلثه، هذا ليسَ فيه جهالة، فالعمل معلوم، وكذلك المدة والأجر.

كما أن القول بجواز هذه الصورة فيه تيسيرٌ على الناس، ومراعاةٌ لمصالحهم، وهذا أصلٌ من الأصول التي بُنيَتْ عليها هذه الشريعة.

قوله: (وَعُمْدَةُ الجُمْهُورِ: أَنَّ الإِجَارَةَ بَيْعٌ، فَامْتُنِعَ فِيهَا مِنَ الجَهْلِ -لِمَكَانِ الغَبْنِ- مَا امْتُنِعَ فِي المَبِيعَاتِ. وَاحْتَجَّ الفَرِيقُ الثَّانِي بِقِيَاسِ الإِجَارَةِ عَلَى القِرَاضِ (١) وَالمُسَاقَاةِ (٢)).

"القراض": المضاربة (٣)، وهو نوعٌ من أنواع الشركة، والقول بإباحته من باب التيسير على الناس.

قوله: (وَالجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ القِرَاضَ وَالمُسَاقَاةَ مُسْتَثْنَيَانِ بِالسُّنَّةِ، فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِمَا لِخُرُوجِهِمَا عَنِ الأُصُولِ).

وعند النظر، فالإجارة أيضًا مما جاء على خلاف الأصل؛ لأن الأصلَ دَفْعُ الثمن وقبض السلعة، أما في الإجارة فيسلم الأجر قبل الانتفاع، فإذا استأجرت دارًا لمدة عام، تسلم القيمة قبل أن تستفيد منها شيئًا، وهذا من أوجه الفرق بين الإجارة والبيع.


(١) المقارضة المضاربة أيضًا، وأهل المدينة يستعملون هذه اللفظة مأخوذة من القرض، وهو القطع من حد ضرب سميت به لأن رب المال يقطع رأس المال عن يده، ويسلمه إلى مضاربه. وقيل: المقارضة المجازاة، فرب المال ينفع المضارب بماله، والمضارب ينفع رب المال بعمله. انظر: "طلبة الطلبة" للنسفي (ص ١٤٨).
(٢) "المُسَاقاةُ": أن يستعمل رجلٌ رجلًا في نَخيل أو كُروم ليقوم بإصلاحها على أن يكون له سهمٌ معلومٌ مما تُغلُّه. انظر: "الصحاح" للجوهري (٦/ ٢٣٨٠)، و"معجم لغة الفقهاء" لرواس قلعجي وقنيبي (ص ٤٢٥).
(٣) "المضاربة": معاقدة دفع النقد إلى من يعمل فيه على أنَّ ربحه بينهما على ما شرطا
مأخوذ من الضرب في الأرض، وهو السير فيها، سُمِّيت بها؛ لأن المضاربَ يضرب في الأرض غالبًا للتجارة طالبًا للربح في المال الذي دفع إليه. انظر: "طلبة الطلبة" للنسفي (ص ١٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>