للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُمَا إِذَا ضُرِبَا لِلْمَنْفَعَةِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا غَايَة أَمَدًا مِنَ الزَّمَانِ مَحْدُودًا، وَحَدَّدُوا أَيْضًا أَوَّلَ ذَلِكَ الأَمَدِ، وَكَانَ أَوَّلُهُ عَقِبَ العَقْدِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ. وَاخْتَلَفُوا إِذَا لَمْ يُحَدِّدُوا أَوَّلَ الزَّمَانِ، أَوْ حَدَّدُوهُ وَلَمْ يَكُنْ عَقِبَ العَقْدِ، فَقَالَ مَالِكٌ: يَجُوزُ إِذَا حُدِّدَ الزَّمَانُ وَلَمْ يُحَدَّدْ أَوَّلُهُ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ لَهُ: اسْتَأْجَرْتُ مِنْكَ هَذِهِ الدَّارَ سَنَةً بِكَذَا، أَوْ شَهْرًا بِكَذَا، وَلَا يَذْكُرُ أَوَّلَ ذَلِكَ الشَّهْرِ، وَلَا أَوَّلَ تِلْكَ السَّنَةِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ، وَيَكُونُ أَوَّلُ الوَقْتِ عِنْدَ مَالِكٍ وَقْتَ عَقْدِ الإِجَارَةِ، فَمَنَعَهُ الشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ، وَأَجَازَهُ مَالِكٌ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالعَادَةِ، وَكَذَلِكَ لَمْ يُجِزِ الشَّافِعِيُّ إِذَا كَانَ أَوَّلُ العَقْدِ مُتَرَاخِيًا عَنِ العَقْدِ، وَأَجَازَهُ مَالِكٌ).

بحث المؤلف هنا عدة مسائل تتعلق بالإجارة:

المسألة الأولى: إذا حدد مدة الإجارة في طرفيها؛ كأن يقول: أجرتك هذه الدار بكذا، من تاريخ كذا إلى تاريخ كذا؛ فهذا مجمعٌ على جوازه (١)، ولا إشكال فيه.

المسألة الثانية: إذا حدد الزمان ولم يحدد أوله؛ كأن يقول: أجرتك هذه الدار سنةً، فذهب مَالكٌ (٢) وأبو حنيفة (٣) إلى جواز ذلك، وينصرف


(١) قال ابن المنذر: "أجمع كل مَنْ نحفظ عنه من أهل العلم على أن إجارة المنازل والدواب جائز إذا بُيِّن الوقت، والأجر، وكانا عالمين بالذي عقدا عليه الإجارة، وبينا من يسكن الدار، ويركب الدابة، وما يحمل عليها. انظر: "الإشراف على مذاهب العلماء" (٦/ ٣٠٣).
(٢) يُنظر: "المعونة على مذهب عالم المدينة" للقاضي عبد الوَهَّاب (ص ١٠٨٩)، قال: تجوز إجارة الأعيان كالدور … على ثلاثة أوجه … والثاني أن يذكر المدة، ولا يجدها من أي وقت يكون، فيقول: استأجرت منك هذه الدار شهرًا بدينار، ولا يبين أي شهرٍ هو، فيصح عندنا، ويكون من وقت العقد خلافًا للشافعي في قوله: إنَّه لا يصح إلا أن يُبيِّن أوله. و"الإشراف على نكت مسائل الخلاف" (٢/ ٦٥٤).
(٣) يُنظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير، وحاشية الدسوقي (٤/ ٤٤)، قال: قوله:=

<<  <  ج: ص:  >  >>