للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلا يجوز، وإذا كانت عقيب العقد فهذا جائزٌ (١).

المسألة الثالثة: أن يستأجر دارًا لزمنٍ آتٍ في المستقبل، فنحن الآن في سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة وألف، هل يجوز أن يستأجر دَارًا سنة خَمْسٍ وعشرين وأربع مئةٍ وألفٍ؟ خلاف بين أهل العلم، والصحيح أنه يجوز، وهو مذهب الجمهور (٢)، …


(١) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٥/ ٣٢٤) قال: "لا يشترط في مدة الإجارة أن تلي العقد، بل لو أجره سنة خمس، وهما في سنة ثلاث، أو شهر رجب في المحرم، صح، وبهذا قال أبو حنيفة. وقال الشافعي: لا يصح إلا أن يستأجرها مَنْ هي في إجارته، ففيه قولان؛ لأنه عقدٌ على ما لا يمكن تسليمُهُ في الحال، فأشبه إجارة العين المغصوبة. قال: ولا يجوز أن يكتري بعيرًا بعينه إلا عند خروجه؛ لذلك ولنا أن هذه مدة يجوز العقد عليها مع غيرها، فجاز العقد عليها مفردةً مع عموم الناس، كالتي تلي العقد، وإنما تُشْترط القدرة على التسليم عند وجوب التسليم كالمسلم فيه، ولا يشترط وجوده ولا القدرة عليه حال العقد، ولا فرق بين كَوْنها مشغولةً أو غير مشغولةٍ؛ لما ذكرناه، وما ذكروه يبطل بما إذا أجرها من المكتري، فإنه يصحُّ مع ما ذكروه .. إذا ثبت هذا، فإن الإجارة إن كانت على مدة تلي العقد، لم يحتج إلى ذكر ابتدائها من حين العقد، وإن كانت لا تليه، فلا بد من ذكر ابتدائها؛ لأنه أحد طرفي العقد، فاحتيج إلى معرفته، كالانتهاء، وإن أطلق فقال: أجرتك سنةً، أو شهرًا، صح، وكان ابتداؤه من حين العقد".
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "تبيين الحقائق" مع "حاشية الشلبي" (٥/ ١٤٨) قال: (وتصح الإجارة وفسخها … مضافًا)، أي: مضافًا إلى الزمان المستقبل؛ لأن الإجارة تتضمن تمليك المنافع، والمنافع لا يتصور وجودها في الحال، فتكون مضافةً ضرورةً.
(قوله: وهذا هو معنى الإضافة). قلت: وليس ما ذكر هو المراد بإضافتها، وإنما المراد إضافة العقد إلى الزمان المستقبل كأن يقول: آجرتك هذه الدار غدًا شهرًا بكذا، أو يقول وهو في يوم السبت مثلًا: آجرتك هذه الأرض يوم الجمعة سنةً بعشرةٍ، أو قال وهو في رجب أو في ربيع الأول: آجرتك دابَّتي هذه رأس شعبان شهرًا بكذا، ونحو ذلك، وقد اختلف المشايخ في هذه الإجارة، فاختار الشيخ ظهير الدين أن الإجارة المضافة لا تجوز. وقال صاحب "المحيط": إضافة الإجارة إلى وقت في المستقبل جائزة. وقال في "الفصول": المختار أنها جائزة. وانظر: "الدر المختار وحاشية ابن عابدين" "رد المحتار" (٥/ ٢٤٣).
ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير و"حاشية الدسوقي" (٤/ ٤٣) =

<<  <  ج: ص:  >  >>