للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال المصنف رحمه الله تعالى:

(الجُمْلَةُ الأُولَى:

وَمِنْ مَشْهُورَاتِ هَذَا البَابِ: مَتَى يَلْزَمُ المُكْرَى دَفْعُ الكِرَاءِ إِذَا أُطْلِقَ العَقْدُ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ قبْضَ الثَّمَنِ؟ فَعِنْدَ مَالِكٍ (١)، وَأَبِي حَنِيفَةَ (٢): أَنَّ الثَّمَنَ إِنَّمَا يَلْزَمُ جُزْءًا فَجُزْءًا بِحَسَبِ مَا يَقْبِضُ مِنَ المَنَافِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ، أَوْ يَكُونَ هُنَالِكَ مَا يُوجِبُ التَّقْدِيمَ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا مُعَيَّنًا، أَوْ يَكُونَ كِرَاءً فِي الذِّمَّةِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ (٣): يَجِبُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ بِنَفْسِ العَقْدِ).

الأئمة الأربعة - رحمهم الله - انقسموا في هذه المسألة إلى قسمين:

فالإمامان أبو حنيفة ومالك يقولان: يدفع الأجرة مقسطة؛ كأن يدفع كُلَّ شهر على حسب المنفعة، إلا أن يُوجَد شرطٌ؛ كأن يَشترط المُكري على المكرى دفعُ الإجارة مقدَّمًا.

والإمامان الشافعيُّ وأحمدُ (٤) يقولان: تُدفع الأجرة عند أولى العقد، حتى وإن لم يستفد بالعين المؤجَّرة ولو لحظة.

قوله: (فَمَالِكٌ رَأَى أَنَّ الثَّمَنَ إِنَّمَا يُسْتَحَقُّ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا يُقْبَضُ مِنَ العِوَضِ، وَالشَّافِعِيُّ كَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ تَأَخُّرَهُ مِنْ بَابِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ).


(١) يُنظر: "الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ٤)، حيث قال: "ففي "المدونة" … الأكرية في دار أو راحلة أو في إجارة بيع السلع ونحوه فبقدر ما مضى".
(٢) يُنظر: "مختصر القدوري" (ص ١٠٣)، حيث قال: "ومن استأجر دارًا فللمؤجر أن يطالبه لأجره كل يوم، إلا أن يبين وقت الاستحقاق بالعقد".
(٣) يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٦/ ١٢٥)، حيث قال: "لأنها سلم في المنافع، فيمتنع فيها تأجيل الأجرة، سواء أتأخر العمل فيها عن العقد أم لا؟! ".
(٤) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٤/ ٤٠)، حيث قال: "وتجب الأجرة بنفس العقد".

<<  <  ج: ص:  >  >>