للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجهة الذين قالوا: "تُدفع الأجرة مقسَّطة": أنَّه كيف يُقدِّم ثمنًا وهو لم يستفد بعدُ بالعين، ولم يستوفِ منافعَها؟

ووجهة الذين قالوا: "تُدفع الأجرة عند أول العقد": أنَّه إذا تمَّ العقدُ فقد مكَّنه من استيفائها، وليس من حقِّ المالك أن يتصرف في الدار، ولا أن يُخرجَه منها.

قوله: (وَمِنْ ذَلِكَ اخْتِلَافهُمْ فِيمَنِ اكتَرَى دَابَّةً أَوْ دَارًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ هَلْ لَهُ أَنْ يَكْرِيَ ذَلِكَ بِأكثَرَ مِمَّا اكْتَرَاهُ؟) (١).

يعني: إذا استأجر إنسانٌ دارًا أو دُكَّانًا أو سيارةً، فهل له أن يُؤجِّرَها غيرَه بأكثر منها؟

اعلم أولًا: أنَّ العلماءَ مُجمعون على أنَّه من استأجر عينًا فله أن يؤجِّرَها بنفس القيمة أو أقلَّ منها (٢)، ولكنَّهم اختلفوا فيما لو أجَّرها لغيره بأكثر.

قوله: (فَأَجَازَهُ مَالِكٌ (٣)، وَالشَّافِعِيُّ (٤)، وَجَمَاعَةٌ، قِيَاسًا عَلَى البَيْعِ).

الأئمة الثلاثة (مالكٌ، والشافعيُّ، وأحمدُ) (٥) أجازوا ذلك؛ قياسًا على البيع، فلو أنَّك اشتريت سلعةً بألفٍ جاز لك أن تبيعَها بألفين وبعشرة وبمئة، فهكذا الإجارة.


(١) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ٥٤٦)، حيث قال: "هذا موضع اختلف فيه الخلف والسلف".
(٢) قال ابن المنذر: "وللمرء أن يستأجر الدار قد عرفها وقتًا معلومًا بأجر معلوم على أن يسكنها، فإذا صحت الإجارة على هذا فللمستأجر أن يكري الدار بأقل مما اكتراه أو بأكثر وله أن يسكنها". انظر: "الإقناع" (١/ ٢٧٠).
(٣) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ٥٤٦)، حيث قال: فقال مالك: " … فكذلك المكتري والمستأجر لما يستأجره يتصرف فيه ويكريه بما شاء من زيادة أو نقصان".
(٤) يُنظر: "نهاية المحتاج" للشربيني (٥/ ٢٧٠)، حيث قال: "والقدرة على ذلك تشمل ملك الأصل وملك المنفعة، فدخل المستأجر فله إيجار ما استأجره".
(٥) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٣/ ٥٦٦)، حيث قال: " (وتصح) إجارة العين المؤجرة (لغير مؤجرها و) تصح (لمؤجرها بمثل الأجرة، و) بـ (زيادة) على الأجرة التي استأجر بها".

<<  <  ج: ص:  >  >>