للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (وَمَنَعَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ (١)، وَأَصْحَابُهُ (٢)، وَعُمْدَتُهُمْ: أَنَّهُ مِنْ بَابِ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الأَصْلِ هُوَ مِنْ رَبِّهِ - أَعْنِي: مِنَ المُكْرِي - وَأَيْضًا فَإِنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ).

أبو حنيفة -رحمه الله - منع ذلك؛ لأنَّه من باب ربح ما لم يُضمن.

مثال ذلك: إذا استأجرت بيتًا بعشرة آلاف، ثم أجَّرته بعشرين ألفًا، فقد ربحت عشرة آلاف، لكنَّ هذه الدار لو انهدمت فإنَّ الذي يضمنها هو المالك الأصليُّ، إذًا فقد ربحت شيئًا لست ضامنًا له فيما يطرأ عليه.

قال: (وَأَجَازَ ذَلِكَ بَعْضُ العُلَمَاءِ إِذَا أَحْدَثَ فِيهَا عَمَلًا) (٣).

إذا أحدث فيها عملًا؛ أي: أدخل عليها إضافات وتحسيناتٍ فله أن يؤجِّرها.

قلتُ: وبعضهم أجاز ذلك بشرط أن يُوافق مالكُ العين المؤجَّرة، وإلا فلا (٤).


(١) لعل المصنف تبع في ذلك ما ذكره ابن عبد البر في "الاستذكار"، عن عبد الرزاق (٨/ ٢٢٢) قال: "قال: سمعت الثوري، يقول لمعمر: ما كان ابن سيرين يقول في رجل اكترى من رجل، ثم ولاه آخر وربح عليه؟ قال معمر: وأخبرني أيوب أنه سمع ابن سيرين وسئل عن ذلك، فقال: "كل إخواننا من الكوفيين يكرهونه"".
(٢) محل المنع عند الحنفية: إذا استأجرها مُؤجِّرُه، أو تكون بأكثر من الأجرة الأولى.
يُنظر: "الدر المختار" للحصكفي وحاشية ابن عابدين (٦/ ٢٨)، حيث قال: "وله السكنى بنفسه وإسكان غيره بإجارة وغيرها) وكذا كل ما لا يختلف بالمستعمل".
(٣) هذا مذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار" للحصكفي (ص ٥٧٤)، حيث قال: "ولو آجر بأكثر تصدق بالفضل إلا في مسألتين: إذا آجرها بخلاف الجنس أو أصلح فيها شيئًا".
(٤) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٥/ ٣٥٥)، حيث قال: "وعن أحمد رواية ثالثة، إن أذن له المالك في الزيادة جاز، وإلا لم يجز".

<<  <  ج: ص:  >  >>