للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقياس هنا غير مسلَّم، وقياسُنا أولى وأقوى؛ لأن هذا عقد معاوضة، وانتقالُ الملك إلى الورثة لا يُغيِّر الحالَ؛ لأن الملك لم ينتقل عن طريق بيع وشراء، وإنما انتقل عن طريق إِرث؛ أي: حصل بأمر إجباري، فهذا مال يملكه إنسان فتحول إلى ورثته فهم أولاده.

قوله: (وَرُبَّمَا شَبَّهُوا الإِجَارَةَ بِالنِّكَاحِ؛ إِذْ كَانَ كِلَاهُمَا اسْتِيفَاءَ مَنَافِعَ، وَالنِّكَاحُ يَبْطُلُ بِالمَوْتِ وَهُوَ بَعِيدٌ).

قول المؤلف -رحمه الله -: "ربَّما" يعني: أنَّها ليست حجة ظاهرة، والمؤلف لا يزال في سياق حُجج الحنفية، وهذا القياس - كما قال - بعيدٌ؛ لأنه قياس مع الفارق.

قوله: (وَرُبَّمَا احْتَجُّوا عَلَى المَالِكِيَّةِ فَقَطْ بِأَنَّ الأُجْرَةَ عِنْدَهُمْ (١) تُسْتَحَقُّ جُزْءًا فَجُزْءًا بِقَدْرِ مَا يُقْبَضُ مِنَ المَنْفَعَةِ، قَالُوا: وَإِذا كَانَ هَذَا هَكَذَا، فَإِنْ مَاتَ المَالِكُ وَبَقِيَتِ الإِجَارَةُ، فَإِنَّ المُسْتَأْجِرَ يَسْتَوْفِي فِي مِلْكِ الوَارِثِ حَقًّا بِمُوجِبِ عَقْدٍ فِي غَيْرِ مِلْكِ العَاقِدِ وَذَلِكَ لَا يَصِحُّ).

قيَّد المؤلِّف -رحمه الله - فقال: "وَرُبَّمَا احْتَجُّوا عَلَى المَالِكِيَّة"؛ لأنهم لا يُمكنهم الاحتجاج على الشافعية والحنابلة فيما سيذكره؛ لأن الشافعية والحنابلة يرون أن الأُجرة تُستَحقُّ بمجرد العقد، فإذا ما عقد مؤجِّر ومستأجرٌ عقدًا في تأجير عين من الأعيان، فإن الأُجرة تُستحَقُّ عندهم بهذا العقد، أي: بنفاذ العقد - أعني: بتنفيذه وقيامه -، لكنَّ المالكيَّة مع الحنفية - كما سبق - يرون أن الأُجرة تُستَحقُّ جزءًا فجزءًا، كلما مضت مدة يَدفع المستأجِرُ أُجرتها.

وهذا تعليلٌ قويٌّ واعتراض وجيهٌ على المالكية؛ يقولون: أنتم تقولون - ونحن معكم؛ لأنَّ الحنفيَّة يقولون بهذا القول -: بأنَّ الأُجرة لا تستحق


(١) يُنظر: "الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ٤)، حيث قال: "ففي "المدونة":
" ..... الأكرية في دار أو راحلة أو في إجارة بيع السلع ونحوه فبقدر ما مضى".

<<  <  ج: ص:  >  >>