للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا جزءًا فجزءًا؛ بمعنى: إذا مضى شهرٌ فإن المؤجِّر يستحقُ أُجرَة الشهر، فإذا ما مات انتقل الملك، فكأنه انتهى حقه بانتهاء هذا القسط الذي أُدِّي، فهذا اعتراض قويٌ على المالكية، لكنه لا يرد على الشافعية والحنابلة؛ لأنهم يرون أن الأُجرة تُستحق بمجرد العقد.

قوله: (وَإِنْ مَاتَ المُسْتَأْجِرُ فَتَكُونُ الأُجْرَةُ مُسْتَحَقَّةً عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَالمَيِّتُ لَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِإِجْمَاعٍ بَعْدَ مَوْتِهِ).

هذا المثال بالنسبة للمستأجر، يعني: إذا كان الميت هو المستأجر، فإذا مات وانتقل ماله إلى ورثته، وكان قد مضى وقت ثم جاء وقت آخر، فكيف تطالب ميتًا بأجرة؟! والميت لا يطالب بشيء!

قوله: (وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ: فَلَا يَلْزَمُهُمْ هَذَا؛ لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الأُجْرَةِ يَجِبُ عِنْدَهُمْ (١) بِنَفْسِ العَقْدِ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ ذَلِكَ).

أما الشافعية والحنابلة (٢) فلا يُلزمون بهذا؛ لأن هذا خلاف مذهبهم.

وهذا الذي دعا بعضَ العلماء بأن يقولوا: بأن الإجارة جاءت على خلاف القياس، وقالوا: ذلك شبيه بالمساقاة والمضاربة؛ لأن المعروف أنك إذا اشتريت سلعة تدفع ثمنها وتتسلَّمها وتنتفع بها، وفي الإجارة تدفع ثمن الأُجرة وأنت بعد لم تنتفع، فدفعت مالًا دون أن تستفيد، كذلك - كما في السلم - تدفع المال مقدَّمًا، وأنت بعد لم تستفد من الموصوف في الذمة.

قوله: (وَعِنْدَ مَالِكٍ: أَنَّ أَرْضَ المَطَرِ إِذَا أُكْرِيَتْ فَمَنَعَ القَحْطُ مِنْ زِرَاعَتِهَا، أَوْ زَرْعِهَا، فَلَمْ يَنْبُتِ الزَّرْعُ لِمَكَانِ القَحْطِ).

يعني بأرض المطر: الأرض التي تُغرس أو تزرع بماء المطر؛


(١) يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٦/ ١٢٥)، حيث قال: "لأنها سلم في المنافع فيمتنع فيها تأجيل الأجرة سواء أتأخر العمل فيها عن العقد أم لا".
(٢) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٤/ ٤٠)، حيث قال: "وتجب الأجرة بنفس العقد".

<<  <  ج: ص:  >  >>