للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَسَائِرُ الجَوَائِحِ (١) الَّتِي تُصِيبُ الزَّرْعَ لَا يَحُطُّ عَنْهُ مِنَ الكِرَاءِ شَيءٌ (٢)).

تكلمنا فيما مضى عن (الجوائح) في (أحكام البيوع)، ورأيتم أن مالكًا لا يرى اعتبار الجائحة، مع أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - - في قصة ذلك الرجل الذي جاء مع أمه - جاءت امرأة بابنها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت بأنه استأجر مزرعة، وأنه أصابها ما أصابها من السنا، وأخبرها بأن الرجل حلف ألا يحط عنهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حلف أن لا يفعل خيرًا، وأقسم أن لا يفعل خيرًا" (٣)، وقد جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "بم يأخذ أحدكم مال أخيه بغير حق، أرأيت إن منع الله الثمر؟ " (٤) يعني: أرأيت لو توقف إنتاج الثمار؟ "بم يأخذ أحدكم مال أخيه"، وفي بعض


(١) الجوائح: جمع الجائحة وهي الآفة تصيب الثمر من حر مفرط أو صر أو برد أو برد يعظم حجمه فينقص الثمر، ينظر: "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي" للهروي (ص ١٣٦).
(٢) يُنظر: "الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ٥٠)، حيث قال: " (وإن فسد) الزرع (لجائحة) لا دخل للأرض فيها؛ كجراد وجليد، وبرد وجيش وغاصب، وعدم نبات حب بخلاف نحو الدود والعطش … فيلزم الكراء".
(٣) أخرجه أحمد (٢٤٤٠٥)، ولفظه: عن عائشة قالت: "دخلت امرأة على النبي فقالت: أي بأبي وأمي، إني ابتعت أنا وابني من فلان ثمر ماله، فأحصيناه، وحشدناه، لا، والذي أكرمك بما أكرمك به، ما أصبنا منه شيئًا، إلا شيئًا نأكله في بطوننا، أو نطعمه مسكينًا رجاء البركة، فنقصنا عليه، فجئنا نستوضعه ما نقصنا، فحلف بالله: لا يضع لنا شيئًا، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تَأَلَّى لا أصنع خيرًا"، ثلاث مرار، قال: فبلغ ذلك صاحب الثمر، فجاءه، فقال: أي بأبي وأمي، إن شئت وضعت ما نقصوا، وإن شئت من رأس المال ما شئت؟ فوضع ما نقصوا". وقال الأرناؤوط: "إسناده حسن".
(٤) أخرجه البخاري (٢١٩٨)، ومسلم (١٥٥٥)، ولفظه: عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار حتى تزهي، فقيل له: وما تزهي؟ قال: حتى تحمر. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أرأيت إذا منع اللّه الثمرة، بم يأخذ أحدكم مال أخيه؟ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>