للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلام مرتجل، وإنما أُناس أفنوا أعمارهم ووقفوا حياتهم في خدمة هذا الدين، أولًا: أمضوا جزءًا وشطرًا كبيرًا من حياتهم يتعلمون العلم، ثم أخذوا يعلمونه الناس، ودونوا علمهم في صحف وكتب منشورة كالتي بين أيدينا.

إذًا هذه جهود عظيمة، نحن نضع أيدينا عليها نجدها قد استخلصت ونقيت وهذبت، فما علينا إلا أن نقرأها ونتعلمها، لكنَّ أولئك سهروا، يقرأ أحدهم الآيات ثم يستخرج الأحكام منها، يقرأ أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيستنبط منها، وقد لا يجد لهذه المسألة نصًّا فيرد بعض الأحكام إلى بعض، ويلحق بعضها ببعض وهكذا …

وأتباع الأئمة لما جاؤوا أفنوا أيضًا أوقاتًا طيبة.

والفقه ليس فقهًا جامدًا؛ لأنه يتجدد بتجدد الأحكام؛ فهناك وقائع حصلت وجدت أمور بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في زمن الصحابة وفي زمن التابعين وفي زمن الأئمة وبعدهم، ولا يزال في عصرنا الحاضر، وهو أكثر ما يكون فيه المسائل التي جدت، فنحاول أن نردها إلى المسائل السابقة، نبحث لها عن أدلة، فإن لم نجد نردها إلى أصول المذاهب.

قوله: (فَقَالَ الشَّافِعِيُّ (١)، وَأَحْمَدُ (٢): عَلَيْهِ الكِرَاءُ الَّذِي التَزَمَهُ إِلَى المَسَافَةِ المُشْتَرَطَةِ).

وهذا في الحقيقة أجود الآراء؛ لأن هذا هو الرأي الذي يلتقي مع روح الشريعة، لا نقول: هذا هو الرأي الأصوب؛ لأنه قال به فلان أو فلان، لا، ولكنَّ هذا هو الحق.

إنسان تجاوز هذه المسافة، وغالبًا سبب تجاوزه المسافة لأنه جدَّت


(١) يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٦/ ١٨٣)، حيث قال: (لزمه) مع المسمى (أجرة المثل للزيادة) لتعديه بها".
(٢) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٤/ ١٨)، حيث قال: "استأجر ليركب أو يحمل (إلى موضع) فجاوزه؛ فعليه المسمى وأجرة المثل للزائد".

<<  <  ج: ص:  >  >>