للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمور فاحتاج إلى أن يتجاوز، ويصعب عليه أن يعود إلى صاحب الحق فيتفاهم معه، وحتى ولو كان تجاوزه تعديًا، فإنه يأخذ منه مقابله؛ لأن هذه السيارة أو الدابة أو الراحلة إنما وضعت للأجرة.

قوله: (وَمِثْلُ كِرَاءِ المَسَافَةِ الَّتِي تَعَدَّى فِيهَا).

يعني: يأخذ منه الإيجار الذي اتفق عليه، ثم بعد ذلك هذا القدر الذي زاده يأخذ منه مقابله على ضوء ما تقدم.

وقد يسأل سائل فيقول: على أيِّ تقدير نأخذه؟

والجواب: الغالب أنه يرجع إلى أجرة المثل، فمثلًا الأجرة إلى المكان الفلاني محدَّدة - وخصوصًا في هذا الزمن الأجرة إلى كذا بمبلغ كذا - فالفرق واضح، وإذا لم يعرف فإنه يجتهد في ذلك ويرجع إلى أجرة المثل، وإذا لم يمكن فيرجع إلى أهل الخبرة والمعرفة بذلك، وأبوابها بحمد الله واسعة.

قوله: (وَقَالَ مَالِكٌ: رَبُّ الدَّابَّةِ بِالخِيَارِ في أَنْ يَأْخُذَ كِرَاءَ دَابَّتِهِ فِي المَسَافَةِ الَّتِي تَعَدَّى فِيهَا).

مالكٌ يوافق في الجزء الأول الحنابلة والشافعية؛ أن يأخذ أجرةَ المسافة التي زادت، فهنا يلتقي الإمام مالك مع الإمامين الشافعي وأحمد.

قوله: (أَوْ يَضْمَنَ لَهُ قِيمَةَ الدَّابَّةِ) (١).

أو يضمن له قيمة الدابة؛ أي: يأخذها ويعطيه القيمة.

وهذا فيه غرابة، لكن الإمام مالكًا عندما قال به علَّل فقال: أنه نظر إلى الحبس، كأنه بزيادة المسافة حبس الدابة فترة من الزمن، فحبسها ومنع


(١) يُنظر: "الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ٤٢)، حيث قال: "فله الكراء الأول، ويخير بين أن يأخذ كراء الزائد أو قيمة الدابة فله الأكثر".

<<  <  ج: ص:  >  >>