للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَأَمَّا مَالِكٌ فَكَأَنَّهُ لَمَّا حَبَسَ الدَّابَّةَ عَنْ أَسْوَاقِهَا رَأَى أَنَّهُ قَدْ تَعَدَّى عَلَيْهَا فِيهَا نَفْسِهَا فَشَبَّهَهُ بِالغَاصِبِ، وَفيهِ ضَعْفٌ).

أحسن المؤلف -رحمه الله -! مما يُعجبني بصاحب هذا الكتاب -رحمه الله - أنَّه مالكيٌّ مُنصف، فعندما يمر به رأي ضعيف يرى ضعفه في مذهب مالك لا يجامل، وهذا هو طالب الحق؛ ينبغي له أن يكون صادقًا صريحًا، لا يأخذه التعصب لمذهب، لا أقول -مثلًا-: أنا تعلمت وترعرعت ودرست مذهب الحنابلة، والحق هو مذهبهم، ولا توجد مسائل في المذاهب الأخرى أصح وأقوى، ولا يقول ذلك من درس مذهب الشافعية أيضًا.

ومنذ أن بدأنا في شرح هذا الكتاب ما رأينا مسألة يبدو فيها المؤلِّف -رحمه الله - متعصِّبًا؛ بل رأيناه يضعف مذهب المالكية أكثر من غيره، وهذا هو غاية الإنصاف، وهذا هو الذي يريد الوصول إلى الحق.

قوله: (وَأَمَّا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ فَبَعِيدٌ جِدًّا عَمَّا تَقْتَضِيهِ الأُصُولُ الشَّرْعِيَّةُ).

لأن المتعدي متجاوز للحد، والله تعالى يقول: {وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (١٩٠)} [البقرة: ١٩٠].

هذا إنسان قد تعدى فيعامل مقابل تعديه، أما أن يتعدى إنسان فنكافئه، فنقول بردًا وسلامًا، فهذا سيفتح بابًا مُغلقًا، وسيكون مدخلًا لكثير من الناس ليتجرؤوا عليه فيقول: أنا إذا احتجت فأزيد فيحتال الناس.

قوله: (وَالأَقْرَبُ إِلَى الأُصُولِ فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ: هُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ).

هو الأقرب لروح هذه الشريعة وأصولها وقواعدها التي قامت عليها؛ لأن من أصولها وقواعدها العدل، والعدل يقتضي أن يُنصف المؤجر والمستأجر، فلا يأخذ مثلًا بجانب المستأجر ويغفل جانب المؤجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>