للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذًا هذه الدابة العثور، هذا عيب الدابة التي تعثر، يعني: تسقط، ربما لا تمشي مشيًا مستقيمًا لها عثور، وهذا العثور قد يُوقعها في الأرض، وهذه الدابة عليها بضاعة هذه البضاعة أيضًا قد تسقط عنها وربما تتكسر أو تتأثر، وربما تكون زجاجة أو فخارًا أو غير ذلك، وربما تكون سيارة هذه السيارة تتعطل، هذا تعطيل لصاحب الأجرة لا يجوز، وهو داخل في قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "مَن غَشَّنا فَلَيس منا" (١)، يعني: إذا كان صاحب الدابة أو صاحب السيارة أو صاحب الدار التي يُعرف فيها عيوبًا يعرف أن في أُسِّها عيوبًا ويؤجِّرها غيرُه من المسلمين، أو أي سلعة من السلع يبيعها أو يؤجرها ويعرف أن فيها عيبًا يُغطيه عن أخيه المؤمن، أو حتى غير المؤمن لا يجوز له، لكنَّ المسلم ينبغي أن يكون قدوة في كل أموره في معاملاته وغيرها؛ ولذلك الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما جاء إلى صاحب الطعام فأدخل يده فيه، وجد بَلَلًا فيه، قال: "ما هذا يا صاحب الطعام"؟ قال: "أصابته السماء"، قال: "هلَّا أظهرته إلى الناس ليروه" (٢)، لِمَ تدسُّه؟!

وهذا الآن يحصل كثيرًا من الذين يبيعون، فيضعون البضاعة التي فيها فساد أسفل، ويُزيَّن أعلى الصندوق أو الكرتونة أو غير ذلك، هذا غشٌّ لا يجوز، قد تكسب مبلغًا، لكن ربما تصيبك دعوة من هذا الإنسان الذي رأى هذا البريق الجيد، فإذا ما وصل إلى بيته وجد أسفله خاربًا، وربما يقول: لا وفقه الله، لا جزاه الله خيرًا، فهذه كلمة ليست بيسيرة قد توافق بابًا فتُستجاب دعوته، فلا ينبغي للمسلم أن يَغشَّ إخوانه أو المؤمنين، بل يكون صريحًا ورزقه على الله -سبحان الله وتعالى- والله تعالى يقول: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: ٦]، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لو أنكم تتوكلون


(١) أخرجه مسلم (١٠١)، بلفظ: عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا".
(٢) أخرجه مسلم (١٠٢)، بلفظ: عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ على صبرة طعام فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللًا فقال: "ما هذا يا صاحب الطعام؟ " قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: "أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غش فليس مني".

<<  <  ج: ص:  >  >>