للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعلم أنَّ الأجير ينقسم إلى قسمين: أجير خاص، وأجير مشترك:

فالأجير الخاص: هو الذي يقع العقد معه على مدة معلومة، وسمِّي خاصًّا: لأنه يعمل لمصلحة المالك، يعني اختص بمنفعته دون غيره فلا يشركه غيره فيه؛ كأن يستأجر الإنسان إنسانًا ليعمل في مصنعه أو في متجره أو في دُكَّانه، أو في منزله، أو ليخيط له الثياب، أو ليعمل له أمورًا تتعلق بالكهرباء، أو النجارة، أو السباكة، ربما أفسد من غير تعدٍّ، قالوا: لا ضمان عليه؛ لأنه بمنزلة المالك، ينزل منزلته؛ لأنه استأجره، ووثق به وأقامه مقامه، فأيُّ تقصير منه حصل من غير تعدٍّ ولا تفريط فلا ضمان عليه، وقاسوه على الوكيل؛ فإن الإنسان إذا وكَّل إنسانًا فاشترى له سلعة فخسر فيها ولم يكن قد أراد الوكيل قد أراد الضرر، فليس عليه شيء في ذلك، كذلك أيضًا الشريك في المضاربة، كل هؤلاء ليس عليهم شيء، هذا هو قول الأئمة: أبو حنيفة ومالك وأحمد، وهو قول للإمام الشافعي، وللشافعي قول آخر: يرى فيه أن الأجير الخاص يضمن أيضًا.

أما الأجير المشترك: وهو الذي يقع معه العقد على عمل معين دون أن يكون خاصًّا بذلك الإنسان، وسمِّي مشتركًا؛ لأنه لا يختص بالذي يتعامل مع وحده، بل قد يتعامل مع اثنين أو ثلاثة أو مئة أو أكثر أو أقل.

هذا ملخص لما سيذكره المؤلف -رحمه الله - ثُمَّ نعلِّق على كلامه.

مثاله: لو أن إنسانًا استأجر راعيًا على غنم ثم ماتت بعضُ تلك الماشية، لا يكون ضامنًا ما لم يُفرِّط أو يتعدَّى، فلو عاد عليها الذئب فأكل شيئًا منها - دون إهمال منه - لا يعتبر تفريطًا منه ولا ضمان عليه.

قوله: (مَا عَدَا حَامِلَ الطَّعَامِ، وَالطَّحَّانَ، فَإِنَّ مَالِكًا ضَمَّنَهُ مَا هَلَكَ عِنْدَهُ إِلَّا أَنْ تَقُومَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ) (١).


(١) يُنظر: "الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ٢٧)، حيث قال: "فمن دفع لطحان قمحًا في قفة ليطحنه له … فادعى ضياع الكل ضمن القمح".

<<  <  ج: ص:  >  >>