وأما الجمهور الذين قالوا بتضمين المشترك دون الخاص فيستدلون - أيضًا - بأثر علي - رضي الله عنه - "أنه ضمن الصباغة والسوار"، أي: الصناع، وقال:"لا يصلح الناس إلا ذلك"(١).
وأجابوا على أثر علي الذي أورده الشافعي في "مسنده": بأنه مرسل، وأن الثاني أصح، فيحمل هذا على ذاك، فيعتبرون هذا مطلقًا، وذاك مقيدًا؛ أي: أنه قام بتضمين الصناع، والصناع أهل الصنعة عمومًا، أما الأجير الخاص فلا ضمان عليه.
قد اشتهر عن علي - رضي الله عنه - أنه كان يضمن الصناع، ويقول:"لا يُصلحِ الناس إلا ذلك"؛ لأن الصناع ربما يتساهلون في حقوق الناس، فمثلًا الخياط، تأتيه بثياب، وهذا يأتيه .. ، فيضعها ويهمل، فربما ترتب ضرر، كذلك غيره من الصناع؛ كالطباخ مثلًا يتكاثر عليه الناس، فالخباز قد يشعل النار ويوقدها بشكل زائد فيحرق له الخبز، وربما يفسد على الناس طبيخهم، فأراد أن يضع زاجرًا ورادعًا لأولئك حتى يهتموا بأمور الناس، وألا يأخذ الإنسان إلا القدر الذي يستطيع أن يقوم به على أكمل وجه.
(١) أخرجه البيهقي (٦/ ٢٠٢)، بلفظ: عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي: "أنه كان يضمن الصباغ والصائغ وقال: لا يصلح للناس إلا ذاك"، وضعفه الألباني في "إرواء الغليل" (١٤٩٦).