للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني أنَّ هذه الأجرة وجبت مقابل عمل يقدمه لمن استأجره، فإذا لم يقدم العمل فلا أجرة حينئذٍ، فأراد ابن القاسم أن لا تجتمع عليه مصيبتان؛ مصيبة أنه ضمن، ومصيبة أخرى أنه لا أجرة له على عمله.

قوله: (وَقَوْلُ ابْنِ المَوَّازِ أَقْيَسُ، وَقَوْلُ ابْنِ القَاسِمِ أَكْثَرُ نَظَرًا إِلَى المَصْلَحَةِ؛ لِأنَّهُ رَأَى أَنْ يَشْتَرِكُوا فِي المُصِيبَةِ).

أما ابن الموَّاز: فلأنه نظر إلى الضرر، وابن القاسم: قال أقرب للمصلحة؛ لأن فيه سدًّا لباب الذرائع.

قوله: (وَمِنْ هَذَا البَابِ اخْتِلَافُهُمْ فِي ضَمَانِ صَاحِبِ السَّفِينَةِ؛ فَقَالَ مَالِكٌ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (١)، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: عَلَيْهِ الضَّمَانُ إِلَّا مِنَ المَوْجِ) (٢).

قال أبو حنيفة والشافعي (٣) وأحمد (٤) أيضًا: عليه الضمان إلا من الأمور التي لا تدخل تحت قدرته وطاقته، أما إذا قصر صاحب السفينة في الجدف، أو في صيانة السفينة، أو تغير طريقها، إلى غير ذلك من المغامرات بها فإنه يضمن، لكن إذا جاءت أمواج فرفعت السفينة وغيرت اتجاهها، وربما ترتب عليها ضرر، فإنه في هذه الحالة لا ضمان عليه؛


(١) يُنظر: "حاشية الدسوقي" لابن عرفة (٤/ ٢٧)، حيث قال: "عامل السفينة، أي: من ينسب سيرها … أما لو غرقت بعد تمام المسافة، وبعد مضي مدة يمكن إخراج الأحمال منها فإنه لا ضمان على النوتي".
(٢) يُنظر: "حاشية ابن عابدين" (٦/ ٦٦)، حيث قال: "لأنها لو غرقت من ريح أو موج أو … فهلك ما فيها لا يضمن".
(٣) يُنظر: "الأم" للشافعي (٧/ ٤٧)، حيث قال: "وإذا غرقت سفينة الملاح فغرق الذي فيها، وقد حمله بأجر فغرقت من مده، أو معالجته السفينة … إذا فعل من ذلك الفعل الذي يفعل بمثلها في ذلك الوقت الذي فعل لم يضمن، وإذا تعدى ذلك ضمن".
(٤) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٤/ ٣٣)، حيث قال: " (و) يضمن أيضًا ما تلف بقوده وسوقه … وكذا … ملاح سفينة".

<<  <  ج: ص:  >  >>