للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما القياس على سائر الإجارات فهو قياس مع الفارق؛ لأن الإجارة يُشترط فيها السلامة من الغرر ومن الجهالة، فهي كالبيع تمامًا، ولكن الجعالة استثنيت من ذلك، وخصت بحاجة الناس إليها، وشريعتنا الغراء من أصولها التي بُنيت عليها مراعاة مصالح الناس، وفي هذا مصلحة للناس ورفق بهم ورعاية لشؤونهم وتخفيف عليهم؛ ولذلك صحت الجعالة.

قد جاء في حديث: "أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أذن في أخذ الجعل من العبد الآبق (١) ".

قوله: (وَلَا خِلَافَ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ (٢) أَنَّ الجُعْلَ لَا يُسْتَحَقُّ شَيْءٌ مِنْهُ إِلَّا بِتَمَامِ العَمَلِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِعَقْدٍ لَازِمٍ).

يعني لا يستحق جزءًا منه إلا مقابل العمل، وأنه لو أن إنسانًا ذهب مثلًا ليبحث عن عبد آبق، أو ضال فلم يجده لا يستحق شيئًا في الجعالة، وكذلك لو ذهب إلى بلد معين، فقال: من رد عبدي من مكان كذا، ورده من مكان آخر، فلا يستحق أيضًا، ومن قال: إن رد ضالتي فلان فله كذا؛ فردها غيره فلا يستحق شيئًا؛ لأنه قيد ذلك بغيره، ولو قال: أي من فلان أو فلان رد ضالتي فله كذا؛ فمن يردها فله كذلك، ولو أطلق فقال: من ردَّ ضالتي؛ فأيُّ إنسان يردها يأخذ ذلك.

ومسائل الفقهاء كثيرة جدًّا.

قوله: (وَاخْتَلَفَ مَالِكٌ (٣) وَأَصْحَابُهُ فِي هَذَا البَابِ فِي كِرَاءِ السَّفِينَةِ؛ هَلْ هُوَ جُعْلٌ أَوْ إِجَارَةٌ؟).


(١) يُنظر: "مصنف عبد الرزاق" (٨/ ٢٠٧) وفيه: عن عمرو بن دينار: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى في الآبق يوجد في الحرم بعشرة دراهم".
(٢) يُنظر: "حاشية الصاوي" للخلوتي (٤/ ٨٠) حيث قال: "ومفهومه أنه إذا لم يتم العمل فلا يستحق شيئًا".
(٣) يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ٦١) حيث قال: "وإلا لم يستحق شيئًا؛ ككراء السفن، هذا تشبيه في أنه لا يستحق فيه الأجر إلا بتمام العمل، وهو إجارة لا جعالة".

<<  <  ج: ص:  >  >>