للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أكثر العلماء على أنَّ إجارة كراء السفن ككراء الرواحل إنما هو إجارة.

قوله: (فَقَول مَالِك: لَيْسَ لِصَاحِبِهَا كِرَاءٌ إِلَّا بَعْدَ البُلُوغِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ القَاسِمِ (١) ذَهَابًا إِلَى أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الجُعْلِ).

قصده إلا بعد بلوغ الغاية التي تنتهي إليها.

مثال ذلك: إن استأجر إنسان سفينة لتحمل له بضاعة، فيستحق هذا الإنسان الأجرة إذا بلغ الغاية؛ أي: المكان الذي استُأجِر ليصل ببضاعته إليه، أما دون ذلك فلا؛ لأنه ربما تذهب عليه البضاعة.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ (٢) مِنْ أَصْحَابِهِ: لَهُ قَدْرُ مَا بَلَغَ مِنَ المَسَافَةِ، فَأَجْرَى حُكْمَهُ مَجْرَى الكِرَاءِ).

وهذا هو رأي أكثر العلماء؛ بأن استئجار السُّفن هو إجارة وليس جعلًا.

قوله: (وَقَالَ أَصْبَغُ (٣): إِنْ لَجَجَ (٤) فَهُوَ جُعْلٌ).

يعني: إن كان في البحر لجج، والمراد باللجج: الأمواجِ؛ كما قال تعالى: {فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ} [النور: ٤٠].


(١) يُنظر: "الكافي في فقه أهل المدينة" لابن عبد البر (٢/ ٧٥٢) حيث قال: "وكراء السفينة عند مالك وابن القاسم على البلاغ لا شيء لصاحبها حتى يبلغ المكان"، وينظر أيضًا: "منح الجليل شرح مختصر خليل" لعليش (٨/ ٦١) حيث قال: "قول ابن القاسم وروايته أنه على البلاغ".
(٢) يُنظر: "المدونة" لمالك (٣/ ٥٠٠) حيث قال: "وقال غيره: وهو ابن نافع له بحساب ما بلغت السفينة".
(٣) يُنظر: "منح الجليل" لعليش (٨/ ٦١) حيث قال: "قال أصبغ اللخمي: كراء السفن جعل وإجارة".
(٤) اللجة: أصوات القوم إذا اجتمعوا، انظر: "جمهرة اللغة" لابن دريد (١/ ٤٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>