للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك يعرف ما تم ربحه، وربما كان هذا الزائد عروضًا فتحتاج إلى أن تنض - أي: تحول - إلى نقد؛ إلى دراهم ودنانير.

فإنه اشترى سلعة فربح بضاعة كثيرة، كما حصل في القصة التي ذكرتها قبل - قصة عبد الله وعبيد الله ابني عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - اقترضا مالًا من أبي موسى الأشعري والي العراق في الكوفة، ثم بعد ذلك اشتريا بضائع من العراق، فقدما بها المدينة وربحا فيها (١)، وبعد ذلك حصل ربح في المال، والربح قد يكون عروضًا.

قوله: (وَأَنَّهُ إِنْ خَسِرَ، ثُمَّ اتَّجَرَ، ثُمَّ رَبِحَ جَبَرَ الْخُسْرَانَ مِنَ الرَبْحِ).

المراد: أنه يجبر الخسران من المكسب، وهذا هو شأن التجارة؛ فالدنيا دواليك، تجد بعض الناس قصير النفس إذا دخل ميدان التجارة وبدأ يماكس فيها، ربما يخسر مرة أو مرتين فيتوقف عن التجارة. وبعضهم يتشاءم مثلًا يقول: أنا ليس لي حظ، ثم يتوقف، وهذا ينطبق على


(١) أخرجه مالك في "الموطأ" (٢/ ٦٨٧) وغيره: "عن زيد بن أسلم، عن أبيه أنه قال: خرج عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب في جيش إلى العراق، فلما قفلا مرَّا على أبي موسى الأشعري، وهو أمير البصرة، فرحب بهما وسهل، ثم قال: لو أقدر لكما على أمر أنفعكما به لفعلت، ثم قال: بلى هاهنا مال من مال الله، أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين، فأسلفكماه فتبتاعان به متاعًا من متاع العراق، ثم تبيعانه بالمدينة، فتؤديان رأس المال إلى أمير المؤمنين، ويكون الربح لكما، فقالا: وددنا ذلك. ففعل، وكتب إلى عمر بن الخطاب أن يأخذ منهما المال، فلما قدما باعا فأربحا، فلما دفعا ذلك إلى عمر قال: أكل الجيش أسلفه، مثل ما أسلفكما؟ قالا: لا. فقال عمر بن الخطاب: "ابنا أمير المؤمنين، فأسلفكما، أديا المال وربحه". فأما عبد الله فسكت، وأما عبيد الله فقال: ما ينبغي لك يا أمير المؤمنين، هذا لو نقص هذا المال - أو هلك لضمناه؟ فقال عمر: أدياه. فسكت عبد الله، وراجعه عبيدالله، فقال رجل من جلساء عمر: يا أمير المؤمنين، لو جعلته قراضًا؟ فقال عمر: قد جعلته قراضًا. فأخذ عمر رأس المال ونصف ربحه، وأخذ عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب نصف ربح المال"، وحسنه الألباني في "إرواء الغليل" (١٤٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>