للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل عليه أن يجلس للمسلمين ويسعى في حاجاتهم وحل مشكلاتهم، وبيت المال مسؤول عنه في هذه الناحية، فثمة قضايا ودروس كثيرة في تاريخنا الإسلامي الذي ربما جهله كثير منا، ولذلك يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "مَن أصبح معافى في بدنه، آمنًا في سربه، عنده قوت يومه، فكأنما سيقت له الدنيا" (١)، "معافى في بدنه" في صحة وعافية، "آمنًا في سربه" (٢) عبر عن سكن الإنسان بالسرب؛ أي: الجحر، كأنه يسكن فيه، "عنده قوت يومه وليلته"، "فكأنما سيقت له الدنيا" كأنها أمامه بحذافيرها.

وقال الله تعالى: {وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا} [المائدة: ٢٠] في قصة بني إسرائيل في سورة المائدة، قال: ملوكًا؛ لأن الإنسان إذا كان عنده بيت وزوجة وخادم ودابة أصبح ملكًا.

قوله: (وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَدْفَعُ إِلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا فَيَهْلِكُ بَعْضُهُ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ، ثُمَّ يَعْمَلُ فِيهِ فَيَرْبَحُ، فَيُرِيدُ الْمُقَارِضُ أَنْ يَجْعَلَ رَأْسَ الْمَالِ بقِيمة الْمَالِ بَعْدَ الَّذِي هَلَكَ، هَلْ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟).

له ذلك إذا ادعى هذه الدعوى ووافقه صاحب المال؛ لكن لو حصل خلاف فحينئذ ينظر إلى هذه المسألة.

قوله: (فَقَالَ مَالِكٌ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ (٣): إِنْ صَدَّقَهُ رَبُّ الْمَالِ،


(١) أخرجه الترمذي (٢٣٤٦) وغيره، ولفظه: عن عبيدالله بن محصن الخطمي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا"، وحسنه الألباني في "الصحيحة" (٢٣١٨).
(٢) قال ابن الأثير: "يقال فلان آمن في سربه - بالكسر -: أي في نفسه". انظر: "النهاية" لابن الأثير (٢/ ٣٥٦).
(٣) مذهب الحنفية ينظر: "الدر المختار وحاشية ابن عابدين" للحصكفي (٥/ ٦٥٩، ٦٦٠) قال: "اشترى بألفها عبدًا، وهلك الثمن قبل النقد للبائع لم يضمن؛ لأنه أمين، بل دفع المالك للمضارب ألفًا أخرى ثم، وثم أي كلما هلك دفع أخرى إلى غير نهاية، ورأس المال جميع ما دفع بخلاف الوكيل؛ لأن يده ثانيًا يد استيفاء لا أمانة. معه ألفان، فقال للمالك: دفعت إليَّ ألفًا وربحت ألفًا، وقال المالك: دفعت ألفين،=

<<  <  ج: ص:  >  >>