للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك لأن الحاجة في السفر أكثر منها في الحضر؛ فالمسافر تعتريه أمور فيحتاج إلى أن ينفق على نفسه، والمشقة أكبر، ولذلك نرى أن الشريعة راعت أمور المسافر وخففت عنه كثيرًا من الأحكام، وكذلك أيضًا هذا المسافر بحاجة إلى أن تكون رعايته أكثر، فلا مانع من أن ينفق على نفسه في السفر؛ لكنه يكون في الحضر بين أهله وذويه، فلا حاجة لأنْ ينفق من مال المضاربة.

قوله: (إِلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ: إِذَا كانَ الْمَالُ يَحْمِلُ ذَلِكَ).

وهذا قيد جيد؛ لأنه ربما يكون الربح يذوب ويذهب بالنفقة؛ لأن الربح قد لا يكون كثيرًا، فإذا ما أنفق العامل منه استوعبت نفقة العامل الربح، فيخرج المال كما كان كحاله عندما سلمه ربه.

قوله: (وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: يُنْفِقُ ذَاهِبًا، وَلَا يُنْفِقُ رَاجِعًا) (١).

ينفق ذاهبًا؛ لأنه في الذهاب ذهب ليتجر ويبحث عن التجارة، لكن بالنسبة للعودة فقد انتهت مهمته، فلم يبق عليه سوى إيصال ما كان لديه من تجارة.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: يَتَغَدَّى فِي الْمِصْرِ وَلَا يَتَعَشَّى (٢). وَرُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ لَهُ نَفَقَتَهُ فِي الْمَرَضِ، وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ الْجُمْهُورِ: أَنْ لَا نَفَقَةَ لَهُ فِي الْمَرَضِ (٣)).


= ينفق بالمعروف إذا شخص بالمال، وبه قال أبو ثور، وإسحاق، وأصحاب الرأي، ولا نفقة له في قولهم جميعًا حتى يشخص بالمال عن البلد".
(١) تقدم قوله.
(٢) يُنظر: "مختصر اختلاف العلماء" للطحاوي (٤/ ٤٤) قال: "وقال الليث: له أن ينفق في الحضر مقدار ما يتغدى به ولا يتعشى، ولا يكنس؛ لأنه يكون بالغداة مشغولًا بمال المضاربة، وفي السفر نفقته في مال المضاربة، فإن خرج بمال نفسه معه كانت النفقة على قدر المالين بالحصص".
(٣) يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٧/ ٣١٩) قال: "فإن دخل في سفره بلدًا فله النفقة=

<<  <  ج: ص:  >  >>