للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرفنا فيما مضى أن أي عقد من العقود لا ينبغي أن تلحق به منفعة، وقد نهي عن البيع إذا كانت معه منفعة، وقد نهى الرسول عن بيع وسلف (١)، وعن القرض إذا جر نفعًا (٢)، إلى غير ذلك من الأمور؛ حتى لا يكون ذلك هدفًا.

قوله: (وَحُجَّةُ مَنْ لَمْ يُجِزْهُ: أَنَّ ذَلِكَ زِيَادَةُ مَنْفَعَةٍ فِي الْقِرَاضِ فَلَمْ يَجُزْ. أَصْلُهُ الْمَنَافِعُ).

يقول: حجة من أجازه أن هذا كان في العهد الأول، في زمن الصحابة - رضي الله عنهم - ومن بعدهم، فإن هذا كان سائدًا في ذلك الوقت، فينبغي أن يكون أساسًا يقاس عليه فيما يتعلق بنفقة العامل من المال.

قوله: (وَحُجَّةُ مَنْ أَجَازَهُ أَنَّ عَلَيْهِ الْعَمَلَ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّل، وَمَنْ أَجَازَهُ فِي الْحَضَرِ شَبَّهَهُ بِالسَّفَرِ. وَأَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ مِنَ الرِّبْحِ إِلَّا بِحَضْرَةِ رَبِّ الْمَالِ).

هذه مسألة مهمة؛ لأن العقد قام على طرفين؛ أحدهما: رب المال،


= ما أقام في مقام المسافر ما لم يتجاوز أربعًا، فإن زاد على إقامته أكثر من أربع نظر؛ فإن كان لغير مال القراض من مرض طرأ، أو عارض يختص به فنفقته في ماله دون القراض". وانظر: "المجموع" للنووي (١٤/ ٣٨٢).
(١) أخرجه أحمد في "المسند" (١١/ ٢٠٣) وغيره: عن عبد الله بن عمرو: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيعتين في بيعة، وعن بيع وسلف، وعن ربح ما لم يضمن، وعن بيع ما ليس عندك". وحسنه الألباني في "إرواء الغليل" (١٣٩٦).
(٢) روي مرفوعًا عن أنس بن مالك: الرجل منا يقرض أخاه المال فيهدي له؟ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أقرض أحدكم قرضًا، فأهدى له، أو حمله على الدابة، فلا يركبها ولا يقبله، إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك". أخرجه ابن ماجه (٢٤٣٢)، وضعفه الألباني في "إرواء الغليل" (١٤٠٠)، لكنه صح موقوفًا عن ابن عباس؛ أخرجه البيهقي في "الكبرى" (٥/ ٥٧٢) عن ابن عباس أنه قال في رجل كان له على رجل عشرون درهمًا، فجعل يهدي إليه وجعل كلما أهدى إليه هدية باعها حتى بلغ ثمنها ثلاثة عشر درهمًا، فقال ابن عباس: "لا تأخذ منه إلا سبعة دراهم"، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (١٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>