للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبلغ بعد أن تم الاتفاق بينهما، والبيعان بالخيار ما لم يتفرقا، وقد تمَّ ذلك لكن قبل أن ينقده الثمن.

قوله: (إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: يَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ فِي ذَلِكَ الْقِرَاضِ الثَّمَنَيْنِ).

هذا موضع خلاف بين الإمامين أبي حنيفة وأحمد:

أبو حنيفة يرى أن رأس المال الثمنان؛ التالف والمضاف، فأحدهما موجود ثابت والآخر متصور.

وهو بذلك يراعي الرفق بصاحب المال حتى لا يتضرر؛ لأن من أضاع المال هو المضارب، فلا يتحمل صاحب المال ذلك دون أن يتحمل معه أو يشركه الذي ضارب معه.

ورأى أبو حنيفة أنه يدفع الثمن الجديد لكن يؤسس رأس المال على الأول والثاني، فإذا ما وصل إلى المالين فما زاد يكون ربحًا.

وأما الإمام أحمد فيرى أن رأس المال إنما هو هذا الذي اشتري به أخيرًا، أما ذاك فقد ذهب وانتهى وقد ذهب من يد أمينة قد استأمنت على ذلك، ولم يحصل تفريط ولا تعد، لكن لو حصل تفريط أو تعَدٍّ فإن ذلك يلزم المضارب، أما إذا لم يفرط فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، فينبغي أن يقتصر رأس المال على الثمن الأخير الذي سلم.

وهكذا نرى أن كل إمام من الأئمة عندما يقول قولًا يكون له رأي وله تعليل يعرضه، فهو يذكر تعليلًا، وربما يكون رأي هذا الإمام أقوى، ورأي هذا كذا، لكن لكل منهما فهم فيما يقوله، فهو عندما يرجح رأيًا أو يقول قولًا، ينتهي إلى أمر قد وصل إليه فهم في تلك المسألة أو غيرها.

أراد أبو حنيفة أن يشرك رب المال والمضارب في المصيبة، فلا ينبغي أن ينفرد بها رب المال، وعند أحمد يكون الثمن الأخير هو رأس المال، والإمام أحمد يقول: إن الذي يعتبر هنا هو الموجود، وذاك مال قد ذهب وهو غير واقع، ثم إن الذي ذهب منه لم يفرط ولم يتعد ورب المال قد ائتمنه فهو أمين، وهو عرضة أيضًا لأن يضيع منه المال، وربما

<<  <  ج: ص:  >  >>