للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه المسألة: هل يجوز أن يبيع من رب المال أو لا؟

فيها خلاف كما نرى.

فأحمد له روايتان في الجواز وعدمه (١).

فوجهة من منع ذلك من أهل العلم أنه مالك، فكيف يبيع على نفسه؟!

فمال المضاربة هو مال المالك؛ مال رب المال، فكيف يبيع عليه العامل؟! كأنه يبيع على نفسه، وهذا لا يجوز.

ومن أجازوا ذلك من أهل العلم قالوا: وما المانع أن يشتري ما دام سيشتري بحق؟

نعم هو أصل ماله؛ لكن شاركه فيه غيره، وهو العامل، فله أن يبيع من هذا المال الذي تحول بعد ذلك إلى سلع. له أن يبيع عليه، هذه كلها مسائل اجتهادية، ولذلك كثر الخلاف فيها وتنوعت أفهام العلماء.

قوله: (وَأَجَازَهُ الشَّافِعِيُّ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَا قَدْ تبَايَعَا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ) (٢).


(١) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٣/ ٥١٤، ٥١٥) قال: "وليس له - أي: المضارب- الشراء من مال المضاربة إن ظهر في المضاربة ربح؛ لأنه شريك لرب المال فيه، وإلا بأن لم يظهر ربح صح كشراء الوكيل من موكله، فيشتري من رب المال، أو من نفسه بإذن رب المال".
(٢) يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٥/ ٢٣٣) قال: "ولا يعامل المالك بمال القراض؛ أي لا يبيعه إياه لأدائه إلى بيع ماله بماله، بخلاف ما لو اشترى له منه بعين أو دين يمتنع لكونه متضمنًا فسخ القراض، ولهذا لو اشترى ذلك منه بشرط بقاء القراض بطل فيما يظهر، وإن أوهم كلام بعضهم الصحة مطلقًا، ولو كان له عاملان مستقلان فهل لأحدهما معاملة الآخر؟
وجهان، أوجههما: نعم إن أثبت المالك لكل منهما الاستقلال بالتصرف، أو الاجتماع فلا كالوصيين على ما قاله الأذرعي فيهما ورجحه غيره، لكن المعتمد كما في "أدب القضاء" للإصطخري منع بيع أحدهما من الآخر، فيأتي نظير ذلك في العاملين".

<<  <  ج: ص:  >  >>