يعني: إذا انتفت الشبهة، إذا تبايعا البيع المعروف بين الناس كأنه يبيع على أجنبي، فحينئذ تنتفي الشبهة، وإذا انتفت الشبهة وزال الشك فلا مانع عند الإمام الشافعي؛ لأنه إذا باع عليه يحتمل أنه واطأه؛ لأنه رب المال فخفض له فأضر بنفسه، ويحتمل - أيضًا - وجهًا آخر أنه زاد عليه ليستغله؛ لأنه وثق به وأمنه، فالشبهة إذًا قائمة، لكن إذا حصل البيع في ضوء ووفق ما يتعامل به مع غيره - أي: مع غير رب المال، بحيث لا يحصل غبن لأحد الطرفين؛ لا لرب المال بغبنه لبيعه عليه بالزيادة، ولا للعامل؛ لأن العامل يريد رضاء رب المال فربما باعه بالبخس فيلحق الضرر العامل؛ لأن ذلك سيسري إلى الربح أيضًا.
هذه هي الشبهة القائمة، وبعض أهل العلم يقول: ربما تواطأ معه فأقل له، وربما غبنه أيضًا؛ لأن بعض الناس يغبن، وهذا يرى في هذه الحياة، فأحيانًا تجد جارين أو صديقين يثق أحدهما بالآخر فهو يظن أنه إذا ذهب إلى هذا الجار أو إلى هذا الصديق فسوف تكون المعاملة كما ينبغي، فتجد أن هذا الجار يستغل ثقته به، وربما زاد عليه، وترى نماذج من ذلك في هذا الزمان خصوصًا، كأن ترى إنسانًا يثق بآخر فيشتري له سلعًا لا يماكسه، فيبيع عليه بأغلى، مع أن المفروض عليه أن أقل ما يكون أن يعامله كغيره إن لم يراع حقوقه عليه.