للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُقَارَضَةِ، كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ دَيْنًا فِيهَا. وَاخْتَلَفُوا هَلْ لِلْعَامِلِ أَنْ يَبِيعَ بِالدَّيْنِ إِذَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ رَبُّ الْمَالِ؟).

هذه مسألة مهمة، فرق بين أن تبيع نسيئة وبين أن تبيع حالًّا، لو اشترى المضارب سلعًا فهو بين أمرين، إما أن يبيعها نسيئة يعني مؤجلة، وإما أن يبيعها حالة.

قال بعض العلماء: ليس له ذلك، إلا أن يأذن له رب المال.

وفريق آخر من أهل العلم قال: له ذلك؛ لأنه ما دام أذن له في التصرف وأطلق له، فلا مانع، ثم يعلل هؤلاء العلماء الذين أجازوا بأن الغالب أن الأرباح تأتي أكثر عن طريق الديون المؤجلة، فإن الإنسان إذا أراد أن يشتري سلعة فدفع الثمن في الوقت الحاضر لكان الربح قليلًا، وإذا أجلت يكون الربح أكثر.

ولذلك نرى أن أهل الجاهلية استغلوا ذلك وأضروا بغيرهم، وجاء الإسلام فحارب ذلك في الربا، أما هذا ففي أمر مباح، فلك أن تذهب إلى مكان من الأماكن فتسوم سلعة فيبيعك إياها بائعها نقدًا بألف، لكنك لو طلبت أن تؤجل عليك إلى سنة، فربما يقول بألف وخمسمائة.

لكن الذي يختلف فيه العلماء هو أنه لو قال لك: إما أن تشتريها حاضرًا بألف أو مؤجلًا بألفين هذا هو محل الخلاف.

قال بعض أهل العلم: لأنك كأنك بعت إحدى السلعتين بالسلعة الأخرى، وهذا سبق الكلام عنه.

ومنعه أكثر العلماء.

وبعضهم يجيزه (١).


(١) تقدم الكلام على هذه المسألة، عند الكلام على حديث: "بيعتين في بيعة".
وخلاصة المسألة: أجاز ذلك مالك، ومنعه أبو حنيفة والشافعي وأحمد. يُنظر: "الشرح الصغير وحاشية الصاوي" للدردير (٣/ ٩٣)، و"الأصل المعروف المبسوط" للشيباني (٥/ ٩١)، و"التنبيه" للشيرازي (ص ٨٩)، و"كشاف القناع" للبهوتي (٣/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>