للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تضمن أن تحصل عليها، وربما تقع في يد مماطل، ولذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مطل (١) الغني ظلم؛ يحل عرضه وعقوبته" (٢)، وقال: "من أحيل على مليء (٣) ليحتل فليحتال إن ذهب إليه" (٤).

فمطل الغني إذًا ظلم، وما أكثر الذين يماطلون في الناس.

فمن منع ذلك من أهل العلم قال: إذا باع بدين فقد يكون ذلك سببًا في ذهاب ماله، فليس كل الناس مستعدين للوفاء وعندهم الخشية؛ بل بعض الناس إذا سقطت أموال الناس في جيوبهم صعب إخراجها، هم يسعون إلى الوصول، بل يحصل ذلك في القرض أيضًا، فقد تجد بعض الناس يحتاج إلى مالٍ فيذهب إلى أخ هو لا يستطيع أن يحصل على المال، فربما يقترض له هذا الذي قصده، ويعطيه حياءً منه وتقديرًا له، لكنه إذا أرد حقه فإنه يجد كل مشقة وعنت، وربما يضيع هذا المال ولا يتحصل عليه إن كان من الذين يستحون ولا يريد أن يشتكي، هذا يحصل وما أكثره في هذه الحياة!

فهؤلاء العلماء الذين منعوا قالوا: عندما يبيع بالدين فهذا الدين قد لا يعود إلى رأس المال، ومن أباحوا ذلك قالوا: لا، الأصل عندما يعطيه الحرية أنه مطلق التصرف، ويدخل في ذلك البيع نسيئة وحاضرًا، ثم إن


(١) "المطل": التسويف والمدافعة بالعدة والدين ولِيَّانه. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (١١/ ٦٢٤).
(٢) الشارح جمع حديثين في حديث: الأول لفظه: "مطل الغني ظلم، فإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع" … أخرجه البخاري (٢٢٨٧)، ومسلم (١٥٦٤)، والشطر الثاني: "يحل عرضه وعقوبته … "، أخرجه أبو داود (٣٦٢٨) وغيره، ولفظه: عن عمرو بن الشريد، عن أبيه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليُّ الواجد يحل عرضه وعقوبته"، وحسنه الألباني في "إرواء الغليل" (١٤٣٤).
(٣) "المليء": الغني القادر على إيفاء الدين. انظر: "طلبة الطلبة" للنسفي (ص ١٤١)، و"المغرب في ترتيب المعرب" للمطرزي (ص ٥٨).
(٤) أخرجه أحمد (١٦/ ٤٧) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مطل الغني ظلم، ومَن أحيل على مليء فليحتل"، وصحح إسناده الأرناؤوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>