للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرارًا - ينتهي إلى وفاق؛ لأن كل هؤلاء الأئمة رحمهم الله- من الأربعة وغيرهم كلهم - لهم قصد؛ وهذا القصد الذي يرومون الوصول إليه هو الوصول إلى الحق، وهم أيضًا يريدون الوصول إلى الحق من أقرب طرقه وأهداها، دون الطرق التي فيها التواء أو عوج، إذن فهم يريدون أن يعرفوا الحق، وهذا الحق لا يلزم أن يكون عن طريق واحد بعينه، بل لو كان مع أخيه لرجع إليه، فهم مجتهدون، فرحمهم الله -سبحانه وتعالى- ورضي عنهم، وجزاهم عن الإسلامِ خيرًا.

(وَاخْتَلَفَ مَالِكٌ (١) وَالشَّافِعِيُّ (٢) وَأَبُو حَنِيفَةَ (٣) وَاللَّيْثُ (٤) فِي الْعَامِلِ يَخْلِطُ مَالَهُ بِمَالِ الْقِرَاضِ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ رَبِّ الْمَالِ؛ فَقَالَ هَؤُلَاءِ كلُّهُمْ مَا عَدَا مَالِكًا: هُوَ تَعَدٍّ، وَيَضْمَنُ).


(١) يُنظر: "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير" (٣/ ٥٢١) قال: "قوله: (أو يخلط) أي أو شرط عليه رب المال أن يخلط المال بماله، فإن وقع وخسر المال إن فض - الخسر عليهما بقدر كل، وللعامل على رب المال أجرة مثله فيما عمله في مال القراض، سواء حصل ربح أو خسر، أو لم يحصل واحد منهما، ويقبل قوله في الخسر والتلف، وفي قدر ما تلف بيمينه … (قوله: إلا بإذن رب المال) أي: بعد العقد (قوله: وإلا ضمن) أي: خسره وتلفه".
(٢) يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٣/ ٤٢٠) قال: "وإن قارضه على مالين في عقدين فخلطهما ضمن لتعديه في المال؛ بل إن شرط في العقد الثاني بعد التصرف في المال الأول ضم الثاني إلى الأول فسد القراض في الثاني وامتغ الخلط؛ لأنَّ الأول استقر حكمه ربحًا وخسرانًا، وإن شرط قبل التصرف صح وجاز الخلط، وكأنه دفعهما إليه معًا. نعم، إن شرط الربح فيهما مختلفًا امتنع الخلط. ويضمن العامل أيضًا لو خلط مال القراض بماله، أو قارضه اثنان فخلط مال أحدهما بمال الآخر، ولا ينعزل بذلك عن التصرف كما نقله الإمام عن الأصحاب".
(٣) يُنظر: "الدر المختار" للحصكفي وحاشية ابن عابدين (٥/ ٦٤٩، ٦٥٥) قال: "لا يملك المضاربة والشركة والخلط بمال نفسه إلا بإذن، أو اعمل برأيك إذ الشيء لا يتضمن مثله". وانظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٦/ ٩٥، ٩٦).
(٤) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ٢٣) قال: "اتفق الشافعي والليث وأبو حنيفة في العامل يخلط ماله بمال القراض بغير إذن رب المال أنه ضامن إلا أن يأخذ، قال: إن قيل له: اعمل فيه برأيك فخلطه لم يضمن".

<<  <  ج: ص:  >  >>