للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هؤلاء العلماء معهم أحمد (١)، ومالك هو الذي انفرد.

• قوله: (وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ بِتَعَدٍّ. وَلَمْ يَخْتَلِفْ هَؤُلَاءِ الْمَشَاهِيرُ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ).

يعني هذه من المسائل التي اختلف فيها هل هي تعد أو لا؟ وقد عرفنا فيما مضى أن المضارب لا يضمن إلا إذا تعدى، إذا فرط فحينئذ يضمن، أما إذا لم يتعد ولم يفرط، فهو أمين في عمله، لا ينبغي أن يضمن ما لم يتعد فيه، فمثل هذه المسألة، خلط ماله مع مال القراض؟ مال يخصه فيدخله دون أن يتفق مع رب المال.

• قوله: (وَلَمْ يَخْتَلِفْ هَؤُلَاءِ الْمَشَاهِيرُ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَنَّهُ إِنْ دَفَعَ الْعَامِلُ رَأْسَ مَالِ الْقِرَاضِ إِلَى مُقَارِضٍ آخَرَ أَنَّهُ ضَامِنٌ إِنْ كَانَ خُسْرَان).

أولًا: قوله: (المشاهير) هذا مصطلح عرف عند الفقهاء، فبعضهم يقول: الأئمة الأربعة المشهورون؛ لأنه اشتهر في كتب الفقه وبين العلماء، وبين طلاب العلم؛ إذ سخر الله -سبحانه وتعالى- لهم تلاميذ جهابذة من العلماء، وقفوا أنفسهم وسهروا ليلهم، ووصلوا كلال الليل بكلال النهار، فوقفوا على تركة أولئك الأئمة، فأخذوا يمحصون دراسة وبحثًا عن العلل، حتى تمكنوا من معرفتها بالأدلة فخرجوا عليها ودونوها في كتب مسطورة، فسخر الله لهم تلاميذ حفظوا ثروتهم الفقهية.


(١) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٢٢٥) قال: "ولا يخلط عامل رأس مال قبضه من واحد في وقتين بلا إذنه نصًّا؛ لإفراده كل مال بعقد، فلا تجبر وضيعة أحدهما بربح الآخر، كما لو نهاه عنه، وإن أذن له رب المالين في خلطهما قبل تصرفه في المال الأول أو بعده؛ أي: بعد تصرفه في الأول، وقد نضَّ - أي: صار نقدًا كما أخذه - جاز، وصار مضاربة واحدة، كما لو دفعها إليه مرة واحدة. وإن كان إذنه فيه بعد تصرفه في الأول ولم ينض حرم الخلط؛ لأن حكم العقد الأول استقر فربحه وخسرانه يختص به، فضم الثاني إليه يوجب جبران خسران أحدهما بربح الآخر، فإذا شرط ذلك في الثاني فسد".

<<  <  ج: ص:  >  >>