للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرجع إلى الرقبة؛ لأنها بدلٌ انتقل إليه عند تعذُّر الأول ولم يجده إلا بعد أن أدَّى ما عليهء .. هَذَا هو الدَّليل الأوَّل، وهو دليل القياس.

وَالثَّانِي: قول الله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣].

وأَجَابَ أصحابُ القول الأوَّل عن هذا الدليل بأنه ما قطع صلاته ليبطلها، وإنما قطعها ليتمَّها على وجهها، وقَدْ حضر الماء.

وَالثَّالثُ: قَوْل النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "الصَّعيد الطَّيِّب وضوء المسلم وإنْ لم يجد الماء عشر سنين" (١)، وهذا قد وجد الماء، فانتقضت طهارته، فأصبح بغير طهارةٍ، فتَرتب على ذلك بطلان الصلاة، فيلزمه حِينَئذٍ أن يتطهَّر.

* قوله: (وَأَصْلُ هَذَا الخِلَافِ هَلْ وُجُودُ المَاءِ يَرْفَعُ اسْتِصْحَابَ الطَّهَارَةِ الَّتِي كَانَتْ بِالتُّرَابِ، أَوْ يَرْفَعُ ابْتِدَاءَ الطَّهَارَةِ بِهِ؟ فَمَنْ رَأَى أَنَّهُ يَرْفَعُ ابْتِدَاءَ الطَّهَارَةِ بِهِ قَالَ: لَا يَنْقُضُهَا إِلَّا الحَدَثُ، وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ يَرْفَعُ اسْتِصْحَابَ الطَّهَارَةِ قَالَ: إِنَّهُ يَنْقُضُهَا، فَإِنَّ حَدَّ النَّاقِضِ هُوَ الرَّافِعُ لِلاسْتِصْحَابِ).

قوله: "يَرْفَعُ اسْتِصْحَابَ الطَّهَارَةِ"، أَيْ: استمرارها، والمعنى: هَل وجود الماء يرفع ابتداء الطهارة، أي: إذا وجدَ ماءً لا يتيمم مرة أُخرى، أو أنَّه يمنع استمرار الطهارة، فبمُجرَّد حضور الماء يقطع الطهارة بالتيمُّم؟ فعَلَى الأوَّل وهو أن الماء يرفع ابتداء الطهارة، فإنَّه لا ينقضها إلا الحَدث، وَعَلَى الثَّانِي وهو أنه يرفع استصحاب الطَّهارة، فإنَّه يَنْقضها.

* قوله: (وَقَدِ احْتَجَّ الجُمْهُورُ لِمَذْهَبِهِمْ بِالحَدِيثِ الثَّابِتِ، وَهُوَ قَوْلُهُ

عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "جُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا مَا لَمْ يَجِدِ


(١) أخرجه أبو داود (٣٣٢)، وصحَّحه الأَلْبَانيُّ في "صحيح أبي داود" (٣٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>