للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرشد الناس إلى أن يكون من أعمالهم أعمال يتقربون بها إلى الله -سبحانه وتعالى-، وأن تكون هذه الأعمال قد طابت بها نفوسهم، وزكت بها أفئدتهم، وقدموها إلى إخوانهم المؤمنين حتى يصلوا إلى رتبة من قدم غيره على نفسه أو سواه بنفسه، فهذا هو شأن الأنصار - رضي الله عنهم -: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: ٩]. والله يقول في وصف أهل الجنة: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} [الأعراف: ٤٣] إذن لا شك أن هذه أحكام الشريعة، هذا الفقه الإسلامي، إلى جانب أنه فقه وأحكام فهو أيضًا مطَعَّم مرصع متوج بالأخلاق الإسلامية الكريمة، فعندما تدقق في أي حكم من الأحكام ستقف فيه على كرم الخلق، وسجايا المؤمنين؛ على البذل والعطاء، فهذه أحكام ولكنها - كما قلت -: أحكام الشريعة متصلة، مرتبط بعضها ببعض، فلا تنقسم ولا تنفك أبدًا، عقيدة ومعاملة، عقيدة وعبادة، خلق ومعاملة، هذه هي أحكام الشريعة الإسلامية، لا نرى بينها انفصامًا، ولا نرى بينها انقطاعًا، بل هي سلسلة متصلة، عقيدة ترسخ في النفس، فيصلح القلب بها ثم تجد بعدها عبادة … خالصة لله -سبحانه وتعالى-، ترى أخلاقًا كريمة، كالذين قال الله فيهم: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (٦٣) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (٦٤)} [االفرقان: ٦٣، ٦٤] إلى آخر الآيات.

تجد أيضًا معاملة صادقة صافية، إلى جانب كونها فيها أخذ ورد؛ لكن ينبغي أن تقوم على الصدق، وينبغي أن تقوم على البذل، وعلى مراعاة مصلحة الطرفين.

• قوله: (وَأَيْضًا فَإِنَّهُ مِنَ الْمُزَابَنَةِ، (وَهُوَ بَيْعُ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ مُتَفَاضِلًا (١)) ".


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار" للحصكفي وحاشية ابن عابدين (٥/ ٦٥) قال: "والمزابنة هي بيع الرطب على النخل بتمر مقطوع مثل كيله تقديرًا شروح مجمع، ومثله العنب بالزبيب عناية للنهي ولشبهة الربا. قال المصنف: فلو لم يكن رطبًا جاز لاختلاف الجنس".

<<  <  ج: ص:  >  >>