للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرفنا المزابنة (١)، وقد مرت قبل، ومرت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه (٢)، لكن الشريعة الإسلامية - مع ما في المزابنة من غرر - قد استثنت منها بيع العرايا؛ وبيع العرايا نوع من المزابنة، لكن خص به صاحب الحجة على أن يأكلها رطبًا، وفي خمسة أوسق اتفاقًا، أو فيما دونها على خلاف، وقد مر تفصيل ذلك فيما مضى.

• قوله: (لِأَنَّ الْقِسْمَةَ بِالْخَرْصِ بَيْعُ الْخَرْصِ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى مُخَالَفَتِهِ لِلأُصُولِ بِمَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَهُمْ عِنْدَ الْخَرْصِ: "إِنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ وَتَضْمَنُونَ نَصِيبَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ شِئْتُمْ فَلِي وَأَضْمَنُ نَصِيبَكُمْ" (٣). وَهَذَا حَرَامٌ بِإِجْمَاعٍ).


= ومذهب المالكية، يُنظر: "إرشاد السالك" لابن عسكر (ص ٧٨) قال: "لا يجوز المزابنة؛ وهي بيع مجهول بمجهول أو معلوم من جنس ومنها رطب كل جنس بيابسه وحب بدهنه ولبن بجبن أو زبد وسمن إلا المخيض ولبن الإبل ودقيق بعجين وحيوان بلحم من جنسه وطري حوت بمالح، إلا ما نقلته صنعة كالمطبوخ بالنيء وحنطة مقلوة بنيئة أو سويق أو عجين بخبز".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٤/ ٤٧١) قال: "ولا بيع الرطب على النخل بتمر، وهو المزابنة من الزبن، وهو الدفع سميت بذلك لبنائها على التخمين الموجب للتدافع والتخاصم؛ وذلك لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عنهما … ويرخص في بيع العرايا جمع عرية، وهي ما يفرد للأكل لعروها عن حكم باقي البستان".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٦٨) قال: "ولا بيع المزابنة … وهي بيع الرطب على النخل بالتمر … إلا في العرايا … وهي بيعه أي الرطب على النخل خرصًا بمثل ما يؤول إليه الرطب إذا جف وصار تمرًا كيلًا؛ لأن الأصل اعتبار الكيل من الجانبين، فسقط في أحدهما وأقيم الخرص مكانه للحاجة، فيبقى الآخر على مقتضى الأصل فيما دون خمسة أوسق".
(١) "المزابنة": بيع التمر على رؤوس النخيل بالتمر كيلًا. انظر: "طلبة الطلبة" للنسفي (ص ١٥٠).
(٢) أخرجه البخاري (٢١٧١)، ومسلم (١٥٤٢) عن عبد الله بن عمر: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المزابنة".
(٣) لم أقف عليه في أي من كتب السنة، لكن ذكره ابن رشد الجد في "المقدمات" =

<<  <  ج: ص:  >  >>