للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله: (وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَصَحُّ. وَأَمَّا تَحْدِيدُ مَالِكٍ ذَلِكَ بِالثُّلُثِ فَضَعِيفٌ).

معلوم أن مالكًا حدَّد ذلك بالثلث، ومر بنا مثل ذلك في مسائل عدة، ولا شك أن الثلث اعتبر في مسائل ورد فيها نص عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما مر في الوصية، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قصة سعد قال له في الوصية: "الثلث، والثلث كثير؛ إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالةً يتكففون الناس" (١)، فهل ورود الثلث في عدة مسائل جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها أحاديث يعد أصلًا يلحق به غيره؟ أو أن ذلك لا بدَّ له من دليل في كل مسألة يحدد فيها كالوصية؟ ومر بنا كذلك اعتبار الثلاثة أيام، كما في المسح (٢)، وأن رسول الله أذن للمهاجرين أن يمكثوا بمكة ثلاثة أيام (٣)، وغير ذلك من المسائل الكثيرة.

• قوله: (وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ مَبْنِيٌّ عَلَى غَيْرِ الْأُصُولِ).

هذا كلام جيد من المؤلف؛ فإنه - كما قلنا - ليس متعصبًا، وهذا هو المسلك الرشيد، والطريق السوي الذي ينبغي أن يسير عليه كل طالب علم، ينبغي أن يكون هدفه هو الوصول إلى الحق، وأن يكون سنده في


(١) أخرجه البخاري (٢٧٤٢)، ومسلم (١٦٢٨) عن سعد بن أبي وقاص قال: جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يعودني وأنا بمكة، وهو يكره أن يموت بالأرض التي هاجر منها، قال: "يرحم الله ابن عفراء". قلت: يا رسول الله، أوصي بمالي كله؟ قال: "لا". قلت: فالشطر؟ قال: "لا". قلت: الثلث؟ قال: "فالثلث، والثلث كثير، إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس في أيديهم، وإنك مهما أنفقت من نفقة، فإنها صدقة، حتى اللقمة التي ترفعها إلى فِي امرأتك، وعسى الله أن يرفعك، فينتفع بك ناس ويضر بك آخرون"، ولم يكن له يومئذ إلا ابنة.
(٢) أخرجه أبو داود (١٥٧) عن خزيمة بن ثابت، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام، وللمقيم يوم وليلة"، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (الأم) (١/ ٢٧٨).
(٣) أخرجه مسلم (١٣٥٢) عن العلاء بن الحضرمي يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "للمهاجر إقامة ثلاث بعد الصدر بمكة".

<<  <  ج: ص:  >  >>