للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك هو أدلة الكتاب والسُّنة، فمتى جاء دليل من الكتاب والسنة يؤيد رأيًا أخذ به، ولو خالف رأي مذهبه وقوله إمامه، فهذا هو الحق.

وقد مرت بنا عشرات المسائل، نجد أنه يأخذ على مذهب مالك الذي نشأ وترعرع فيه، ونقده للمذهب ليس تقليلًا من شأن المذهب، فهو من المذاهب المعروفة، وإمامه إمام دار الهجرة، وكانت تضرب إليه أكباد الإبل، لكن هذا هو الإنصاف الذي ينبغي أن يتحلى به طالب العلم، كما ينبغي أن يتجنب التعصب في كل أمر، ويأتي في مقدمة ذلك التعصب للباطل في أمر العقيدة.

• قوله: (لِأَنَّ الْأُصُولَ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْجَائِزِ مِنْ غَيْرِ الْجَائِزِ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنَ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ).

نعم قد يتسامح في القليل النزر، كما رأينا ذلك في الجهالات التي مرت بنا في البيوع وفي الإجارة ربما تغتفر، وكذلك ما لا يدركه الطرف مما ينقله الذباب أو غيره، ومثله ما يحدث بالنسبة للذرة أو القمح عندما تدوسه الدواب، فإنه ربما يحصل شيء من ذلك، فهذه أمور استثنيت؛ لأنها أمور لا تدرك، أو خففت فيها الشريعة الإسلامية تيسيرًا على الناس، ولله الحمد.

• قوله: (وَمِنْهَا اخْتِلَافُهُمْ فِي الْمُسَاقَاةِ فِي الْبَقْلِ).

هذه مسألة اضطرب فيها المؤلف ثلاث مرات، فذكر مرة - كما سبق - أنه لم يجزها إلا ابن دينار - يقصد عمر بن دينار - وهنا عد الجواز مذهب الجمهور، وسيأتي بعد ذلك أن القوله بالمساقاة في البقوله - وهي جمع بقل - لم يأخذ به إلا قلة من العلماء، فكلامه غير منتظم، وهو محل نظر، فينبغي أن يحرر.

والبقل ما له بذر يبذر في الأرض فينتج عنه (١)، والبقول كثيرة جدًّا، مثل الفاصوليا واللوبيا والفول، وغير ذلك كثير جدًّا، هذا البذر الذي


(١) "بذر": أول ما يخرج من الزرع والبقل والنبات. وقيل: هو ما عزل من الحبوب للزرع والزراعة. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (٤/ ٥٠)، و"تاج العروس" للزبيدي (١٠/ ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>