للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تضعه في الأرض ثم تتعهده بالسقي والرعاية والمتابعة إذا أنبت، هل هذا فيه مساقاة أو لا؟ فيه خلاف.

• قوله: (فَأَجَازَهَا مَالِكٌ (١)، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُهُ (٢)).

الحقيقة أن كلام المؤلف غير دقيق في هذه المسألة، فالشافعي لم يجز ذلك، ومثله الإمام أحمد (٣)، وكذلك الإمام مالك اختلف القول عنه، فروي عن المالكية جواز ذلك، بل نص ابن عبد البر - وهو من كبار علماء المذهب - نقلًا عن الإمام مالك، أنه لا يرى ذلك (٤)، ونقل عن الإمام مالك ما يدل على الجواز (٥)، وأبو حنيفة عرفنا رأيه؛ فهو لا يرى المساقاة ولا المزارعة أصلًا (٦)، فقوله قد انتهى وعرف، يبقى الأئمة الثلاثة،


(١) يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٣/ ٥٤١، ٥٤٢) قال: "فتصح مساقاة … بشروط خمسة: الأول … أن يكون مما لا يخلف أي بعد قطعه فلا يجوز في القضب … والقرط … والبقل كالكراث، وكذا البرسيم فإنه يخلف، وقد علمت أنَّ معنى الإخلاف هنا غير معناه في الشجر".
(٢) الشافعية لم يجيزوها كما قال المؤلف، ينظر: "روضة الطالبين" للنووي (٥/ ١٥٠) قال: "القسم الثاني: ما لا ساق له، كالبطيخ، والقثاء، وقصب السكر، والباذنجان، والبقول التي لا تثبت في الأرض ولا تجز إلا مرة واحدة، فلا تجوز المساقاة عليها، كما لا تجوز على الزرع. فإن كانت تثبت في الأرض وتجز مرة بعد مرة، فالمذهب المنع. وقيل: وجهان. أصحهما: المنع".
(٣) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٣/ ٥٣٣) قال: "ولو ساقاه على ما يتكرر حمله من أصول البقول والخضراوات كالقطن الذي يؤخذ مرة بعد أخرى، وكالمقاثي من نحو بطيخ وقثاء، وكالباذنجان ونحوه لم تصح؛ لأن ذلك ليس بشجر وتصح المزارعة عليه".
(٤) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ٤٢) قال: "قال مالك: ولا تجوز المساقاة في كل ما يجنى ثم يخلف نحو القصب والموز والبقول؛ لأن بيع ذلك جائز، وبيع ما يجنى بعده".
(٥) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ٤٢، ٤٣) قال: "قال مالك: وتجوز المساقاة في الزرع إذا استقل على وجه الأرض، وعجز صاحبه عن سقيه، ولا تجوز مساقاته إلا في هذه الحال بعد عجز صاحبه عن سقيه. قال مالك: لا بأس بمساقاة القثاء والبطيخ إذا عجز عنه صاحبه، ولا تجوز مساقاة الموز والقصب بحال".
(٦) يُنظر: "مختصر اختلاف العلماء" للطحاوي (٤/ ٢١) قال: "قال أبو حنيفة وزفر رحمهما الله: لا تجوز المزارعة ولا المساقاة".

<<  <  ج: ص:  >  >>