للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمقصود: أن الذين أجازوا المساقاة أجازوها قبل أن تثمر، لكن بعد أن تثمر اختلفوا. فما وجهة هؤلاء ووجهة هؤلاء؟

• قوله: (وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ ذَلِكَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ: فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْقَائِلِينَ بِالْمُسَاقَاةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَعْدَ بدو الصَّلَاحِ) (١).

الجمهور - وهو كما ذكر المؤلف أكثر العلماء - يرون أنه لا يجوز.

فمذهب مالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه أن ذلك لا يجوز، لكن عندما ننظر نظرة فقهية إلى ما بعد وجود الثمرة نجد أن الجهالة قد خفيت؛ لأنه بعد أن تظهر الثمرة تكون الجهالة أوشكت على الزوال؛ لأن الثمرة تكون قد بدت، والعلة التي ذكرها أبو حنيفة أن الثمرة لم تخلق ولم توجد، قد زالت بوجود الثمرة، فكيف يقول الجمهور بذلك؟

لا شك أنَّ للجمهور وجهة نظر في هذا؛ لأن القصد من ذلك أن العامل ماذا يقدم إذا كانت قد أسقيت ونمت وظهرت الثمرة؟ هذه هي ملاحظة جمهور العلماء، وسيبين المؤلف هذا.

• قوله: (وَقَالَ سَحْنُونٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ).

وهي أيضًا رواية للإمام أحمد، فمذهب الأئمة مالك (٢) والشافعي، وأحمد في المشهور (٣): أن ذلك لا يجوز، وأما قبل وجود الثمر فنعم.


(١) سأذكر أقوال أهل العلم لأن المسألة فيها اختلاف أقوال.
(٢) يُنظر: "المدونة" لمالك (٣/ ٥٦٦) قال: "قلت: أرأيت إن كان لرجل حائط فيه نخل قد أطعم، ونخل لم يطعم، أيجوز أن آخذ الحائط كله مساقاة في قول مالك؟ قال: لا يجوز ذلك؛ لأن فيه منفعة لرب الحائط يزدادها على العامل في الحائط؛ لأن بيعه قد حل. ولأن الحائط إذا زها بعضه ولم يزه بعضه حل بيعه".
(٣) يُنظر: "الإنصاف" للمرداوي (٥/ ٤٦٩، ٤٧٠) قال: "وهل تصح على ثمرة موجودة؛ يعني: إذا لم تكمل؟ على روايتين … إحداهما: تصح، وهي المذهب. وعليها أكثر الأصحاب … والرواية الثانية: لا تصح".

<<  <  ج: ص:  >  >>