للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله: (وَكرِهَ مَالِكٌ الْمُسَاقَاةَ فِيمَا طَالَ مِنَ السِّنِينَ، وَانْقِضَاءُ السِّنِينَ فِيهَا هُوَ بِالْجَذِّ لَا بِالْأَهِلَّةِ (١). وَأَمَّا هَلِ اللَّفْظُ شَرْطٌ فِي هَذَا الْعَقْدِ).

لا شك أن هذا استحسان من الإمام مالك، فهو لا يرى إطالتها، وإنما ينبغي أن تكون إلى حد، فإذا حددت فلا ينبغي أن يكون الوقت سنين طويلة.

ورأينا ما يتعلق بالإجارة، ومر بنا ما يشبه هذا، ورأينا أن الإمام الشافعي خالف في ذلك، وأنه لا ينبغي أن تزيد على السنة في روايته المشهورة، وفي رواية أخرى أن الإجارة لا ينبغي أن تزيد عن أكثر من ثلاثين عامًا (٢)، وذكر العلة في ذلك، وهي أن العين المؤجرة يندر أن تبقى أكثر من ذلك، فإن كانت دارًا أو حانوتًا تهدمت، لكن الوضع تغير الآن، كما هو معلوم، فربما تبقى الدار أكثر من مائة سنة؛ لأنها الآن أصبحت تبنى بالمسلح، أما فيما مضى فكانت تبنى بالطين وجريد النخل وسعفه، وربما توضع على السقف جذوع النخل، فمثل هذه تتهدم، مع أنه قد يمضي عليها سنين طويلة، وهذا أمر مشاهد.


(١) يُنظر: "المدونة" لمالك (٣/ ٥٧٠) قال: "لا تجوز مساقاة النخل أشهرًا ولا سنة؛ وإنما المساقاة إلى الجداد. قلت: أرأيت إن أخذت شجرًا معاملة، وهي تطعم في السنة مرتين، ولم أسم الأجل الذي أخذت إليه، أيكون معاملتي إلى أول بطن أو السنة كلها؟ قال: سمعت مالكًا يقول: إنما معاملة النخل إلى الجداد، وليس يكون فيها أشهر مسماة، فهو عندي على ما ساقاه، فإن لم يكن له شرط فإنما مساقاته إلى الجداد الأول".
(٢) يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٥/ ٣٠٥) قال: "يصح عقد الإجارة على العين مدة تبقى فيها تلك العين بصفاتها المقصودة كما هو ظاهر غالبًا؛ لإمكان استيفاء المعقود عليه حينئذ؛ كسنة في نحو الثوب، وعشر سنين في الدابة، وثلاثين سنة في العبد على ما يليق بكل منها، وكمائة سنة أو أكثر في الأرض، طلقًا كانت أو وقفًا لم يشترط واقفه لإيجاره مدة".

<<  <  ج: ص:  >  >>