هذه المسألة مهمة، وهذا الكتاب فيه نوع من الإجمال، لكن إذا دققت النظر فيه تجد أن فيه وضوحًا، هل نقف عند لفظ المساقاة، فنقول: ساقيتك على هذه المزرعة؟ أو نأتي بأي لفظ يؤدي المعنى فيقول القائل: عاملتك على مزرعتي؟ أو أن يقول له: فالحتك؟ لأنه معلوم أن من يشتغل في الزراعة يسمى فلاحًا، والذي يشتغل في البناء يسمى بناء، والصانع يسمى صانعًا، وهكذا.
هل نقف عند اللفظ؟ أو نأتي بلفظ إجارة: أجرتك أو آجرتك هذه المزرعة فتؤدي معنى المساقاة؟ أو يقول القائل: عاملتك؟ أو يقول: فالحتك؟ أو يقول: استأجرتك؟ أو: أريدك أن تعمل في مزرعتي هذه حتى يكتمل نموها؟
هذا كله يتكلم عنه العلماء؛ فالحنابلة يجيزون ذلك ما عدا لفظ الإجارة الذي يشير إليه المؤلف فهناك رأيان في المذهب؛ رأي يمنع ورأي يجيز، والمؤلف اقتصر على كلمة الإجارة، يعني هل تحل الإجارة محل المساقاة؟
المساقاة فيها خلاف من حيث كونها عقدًا لازمًا أو غير لازم، والإجارة عقد لازم، ومن قال من أهل العلم بأن المساقاة عقد لازم يقيسون على الإجارة؛ لأنه عوض مقابل عوض، والإجارة مبادلة عوض بعوض أيضًا.
فلو نظرنا في مسائل المعاملات لوجدنا أن ثمة روابط تربطها، فلا ينفصل بعضها عن بعض ولا يبتعد.
نعم، قد لا تلتقي من كل وجه، لكن الروابط تصل بعضها ببعض، وهذا ينبغي أن يكون دافعًا لطالب العلم ألا ينسى ما مضى، ونحن الآن