للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعاني من مشكلة، ويشكو منها طلاب العلم، وهي أنه إذا قرأ مبحثًا فإنه يقول بعد فترة: نسيته، فمن فعل ذلك فما استفاد من العلم، ينبغي أن أربط العلم بعضه ببعض كي يبقى في ذهني، وثمة مشكلة اليوم، وهي مشكلة الجزئية التي تنافي الشمولية.

والخلاصة: أن الإخلاص هو أساس كل شيء؛ قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ} [البقرة: ٢٨٢]، فإذا ما اتقيت الله وأخلصت في طلب العلم فلا بد - أيضًا - من مثابرة وجد وطول زمان، لن تنال العلم إلا بستة، كما قال ابن القيم -رحمه الله - (١)، وهو قد جرَّب ذلك، وخير دليل على ذلك النظر إلى كتابه العظيم "زاد المعاد"، وقد كتبه في سفرٍ، فلم يكن عنده كتب، كان في رحلة، مشغول البال وكتب ذلكم الكتاب العظيم "زاد المعاد"، وشيخ الإسلام كتبه دائمًا يحررها بقلمه دون أن يرجع إلا في النادر، ربما في شرح "عمدة الأحكام" رجع فطلب "المغني" وهو في مصر، وكذلك في غيره؛ لكن كثيرًا من كتبه كان يكتبها دون الرجوع، وانظر: هل يستطيع أحدنا أن يكتب مثلها وأمامه الكتب والمراجع؟

• قوله: (وَأَمَّا هَلِ اللَّفْظُ شَرْطٌ فِي هَذَا الْعَقْدِ … ).

هذه تكلمنا عنها، والمقصود: هل لا بد من الوقوف عند لفظ المساقاة فيقول: ساقيتك، أو يجوز أن ينوب عنها؟ أشرنا إلى أن بعض العلماء كالحنابلة يقولون: يجوز أن يحل محلها غيرها، كأن يقول:


(١) تكملة الأبيات:
أخي لن تنال العلم إلا بستة … سأنبئك عن تفصيلها ببيان
ذكاء وحرص وافتقار وغربة … وتلقين أستاذ وطول زمان
وهذه الأبيات تُنسب للجويني وللدِّينَوري، ولم نَقِف على مَن نسَبها لابن القيم. يُنظر: "ذيل تاريخ بغداد" لابن النجار (١/ ٤٥)، و"طبقات الشافعية" للسبكي (٥/ ٢٠٨)، و"مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي (ص ٧٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>