للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الإمام أبو حنيفة، فهو على أصله في شركة العنان إنما يعتبر في الشركة النقد فقط.

ووجه الاختلاف بين أبي حثيفة ومالك؛ في اشتراط أبي حنيفة تساوي رؤوس الأموال في شركة المفاوضة، وهو ما لا يشترطه مالكٌ وأحمد.

* قولُهُ: (ذَلِكَ تَشْبِيهًا بِشَرِكَةِ الْعِنَانِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَكُونُ لِأَحَدِهِمَا شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ فِي الشَّرِكَةِ. وَعُمْدَتُهُمْ أَنَّ اسْمَ الْمُفَاوَضَةِ يَقْتَضِي هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ -أَعْنِي: تَسَاوِيَ الْمَالَيْنِ وَتَعْمِيمَ مِلْكِهِمَا-).

يعني: تعميم المفاوضة كأنَّ كل واحد منهما فوض صاحبه؛ فكل ما تحت يده من المال يدخل في ذلك.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

(الْقَوْلُ فِي شَرِكةِ الْأَبْدَانِ) (١)

شركة الأبدان: أن يشترك اثنان فأكثر فيما يعملان ببدنيهما ولا مال معهما، وما يكون من ربح فهو مشترك بينهما؛ مثل الخياطين، والذين


(١) "شركة الأبدان" في اللغة: أصلها شركة بالأبدان؛ لكن حذفت الباء، ثم أضيفت لأنهم بذلوا أبدانهم في الأعمال لتحصيل المكاسب. يُنظر: "المصباح المنير" للفيومي (١/ ٣٩).
وفي اصطلاح الفقهاء: عرفها الحنفية بأنها: "أن يشترك خياطان، أو خياط وصباغ على أن يتقبلا الأعمال، ويكون الكسب بينهما". انظر: "مجمع الأنهر" لشيخي زاده (١/ ٧٢٦).
عرفها المالكية بأنها: "عقد على عمل بينهما، والربح بينهما بما يدل عليه عرفًا". انظر: "الشرح الصغير" للدردير (٣/ ٤٥٦).
عرفها الشافعية بانها: "أن يشترك الدلالان أو الحمالان أو غيرهما من أهل الحرف على ما يكسبان ليكون بينهما متساويًا أو متفاضلًا … سواء اتفقا في الصنعة أو اختلفا". انظر: "روضة الطالبين" للنووي (٤/ ٢٧٩).
عرفها الحنابلة بأنها: "أن يشترك اثنان فيما يكتسبونه بأيديهم كالصناع يشتركون على أن يعملوا في صناعتهم، فما رزق الله تعالى فهو بينهم، وإن اشتركوا فيما يكتسبون من المباح كالحطب، والحشيش، والثمار المأخوذة من الجبال … فهذا جائز". انظر: "المغني" لابن قدامة (٤/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>