للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* قوله: (إِمَّا مُطْلَقًا، وَإِمَّا مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مُشْتَرَطَة فِي الصَّلَاةِ).

وَضَعَ المؤلف قيدًا حتى لا يؤخذ عليه مطلقًا، لأنه ليس معنى كلامي هنا لما يقول هل هي واجبة أو سنة، بمعنى أنه يوجد من العلماء مَنْ يقول مثلًا بأن النَّجاسةَ سُنَّة كما سيذكر عن المالكيَّة؛ لأنَّ المالكيَّة لا يُخَالفون في أنَّ البولَ نجسٌ، فهذا أمرٌ ورد النص والإجماع عليه (١)، ومثله الغَائط حيث ورَد الإجماع عليه (٢)، لكن هو يَتَحدَّث من حيث العموم مطلقًا، فقال: إنه لا يريد أن يخص مسألةً من مسائله بعينها.

* قوله: (البَابُ الثَّانِي: فِي مَعْرِفَةِ أَنْوَاعِ النَّجَاسَاتِ).

النَّجاسات يأتي في مُقدِّمتها أولًا البول، والكثير يعلمون خطورة البول، وسيأتي فيه الحديث المتفق عليه أنَّ الرسول- عليه الصلاة والسلام - مرَّ بقبرين، وهما يُعذَّبان، فقال: "إنهما ليُعذَّبان، وما يُعذَّبان في كبيرٍ" (٣).

ليسَ الأمر أنهما لا يُعذَّبان في كبيرٍ بالنسبة لسهولة ما فَعلَاه (٤)؛


(١) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (١/ ١٠٩، ١١٠) حيث قال: "ولم يختلف العلماء فيما عدا المني في كل ما يخرج من الذكر أنه نجسٌ".
(٢) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (١/ ١٠٩) حيث قال: "والعذرات وأبوال ما لا يؤكل لحمه قليل ذلك وكثيره رجس نجس عند الجمهور من السلف، وعليه جماعة فقهاء الأمصار".
(٣) أخرجه البخاري (٢١٦) ومسلم (٢٩٢) عن ابن عباس قال: مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بحائط من حيطان المدينة، أو مكة، فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يعذبان، وما يعذبان في كبير"، ثم قال: "بلَى، كان أحدُهُما لا يستتر من بوله، وكان الآخر يمشي بالنميمة"، ثم دعا بجريدةٍ، فكسرها كسرتين، فوضع على كل قبر منهما كسرة، فقيل له: يا رسول الله، لِمَ فعلتَ هذا؟ قال: "لعله أن يخفف عنهما ما لم تيبسا" أو: "إلى أن ييبسا".
(٤) يُنظر: "معالم السنن" للخطابي (١/ ١٩) حيث قال: "قوله: "وما يعذبان في كبير"، معناه أنهما لم يعذبا في أمرٍ كان يكبر عليهما أو يشق فعله لو أرادا أن يفعلاه، وهو التنزه من البول، وترك النميمة، ولم يرد أن المعصية في هاتين الخصلتين ليست بكبيرةٍ في حق الدِّين، وأن الذنب فيهما هيِّن سهل".

<<  <  ج: ص:  >  >>