للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدقيق والخبز وغير ذلك، فهناك صفات كثيرة تجتمع قيها، والأئمة الآخرون لا يوافقون المالكية في ذلك (١)، ومثل ذلك التمر والزبيب، فلو وجد تقارب بين صنفين يجعلهما المالكية بمثابة صنف واحد وفرعوا على ذلك.

* قولُهُ: (لِأَنَّ أَصْلَ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّفَاضُلُ فِي الصِّنْفَيْنِ إِذَا تَقَارَبَتْ مَنَافِعُهُمَا، مِثْلُ القَمْحِ وَالشَّعِيرِ).

لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: "فإذا اخْتَلفَتْ هذه الأصنافُ فبِيعُوا كيفَ شِئتُم" كما في حديث عبادة وغيره (٢): "الذَّهبُ بالذَّهبُ والفضةُ بالفضة والبُرُّ بالبُرِّ والشعيرُ بالشعيرِ والتَّمرُ بالتَّمرِ والملحُ بالملحِ مثلًا بمثلٍ يدًا بيدٍ، فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيدٍ") (٣)، فأنتم ترون في هذا الحديث أنه فرَّق بين البُرِّ الذي هو القمح الحبّ (٤)، وبين


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "درر الحكام شرح غرر الأحكام" لملا خسرو (٢/ ١٤٧). قال: " (وصح) البيع (في الطعام) وهو الحنطة ودقيقها؛ لأنه يقع عليهما عرفًا، (والحبوب) وهي غيرهما كالعدس والحمص ونحوهما، (ولو) كان البيع (جزافًا)، أي: بطريق المجازفة (لو) بيع (بغير جنسه) لقوله -عليه الصلاة والسلام-: "إذا اختلف النوعان فبيعوا كيف شئتم" بخلاف ما إذا بيع بجنسه مجازفة فإنه لا يصح لاحتمال الربا". انظر: "درر الحكام شرح غرر الأحكام" (٢/ ١٤٧).
ومذهب الشافعية، يُنظر: "التهذيب في فقه الإمام الشافعي" للبغوي (٣/ ٣٤٦) قال: "وإن كان الجنس مختلفًا بأن باع صبرة من حنطة بصبرة من شعير لا يعلم كيلها -يجوز"، وانظر: "روضة الطالبين وعمدة المفتين"، للنووي (٣/ ٣٨٥).
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل" للحجاوي (٢/ ١١٥) قال: "فإن اختلف الجنس جاز بيع بعضه ببعض كيلًا أو وزنًا وجزافًا متفاضلًا؛ كذهب بفضة، وتمر بزبيب، وحنطة بشعير، وأشنان بملح، وجص بنورة، ونحوه ".
(٢) كحديث عمر وأبي بكرة وأبي سعيد الخدري.
(٣) أخرجه مسلم (١٥٨٧).
(٤) قال الزبيدي: "البُرُّ: بالضّمِّ الحِنْطَةُ، قَالَ المصنِّف فِي البَصائر: وتَسْمِيَتُه بذلك لكونهِ أَوسعَ مَا يُحتاجُ إِليه فِي الغِذاءِ". "تاج العروس" (١٠/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>