للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون حِينَئذٍ طاهرًا، وهذا يدل على أن طهارة الثياب مطلوبة، وأنها شرطٌ بالنسبة لإزالة النجاسة.

* قوله: ("وَأَمْرُهُ بِصَبِّ ذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ عَلَى بَوْلِ الأَعْرَابِيِّ").

وَقصَّة الأعرابيِّ الذي جَاء وهو جاهلٌ وَبَال في المسجد، ولم يكن متجاوزًا لمكانة المسجد ولعظمته، ولم يُرِدْ أن ينتهك حرمة المسجد، لكنه لا يعرف الحكم؛ لذلك نجد أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمَر أصحابَه ألا يُزْرموه، بمعنى: ألَّا يغلظوا عليه القول، وأخذه - صلى الله عليه وسلم - بحكمةٍ، وقال لهم: "صبُّوا على بول الأعرابي ذنوبًا (١) من ماء" (٢)، فالمساجد إنما جُعِلَتْ للصَّلاة، وليست لإلقاء القاذورات.

وبأتي هنا خلاف العُلَماء في مَسْألةٍ، وهي:

إذا وَقَعَت النَّجاسةُ على الأرض، فهل تُطَهَّر بغير الماء، وَذَلك بتَرْكها للشمس والرياح التي تمرُّ عليها؟

فالجُمْهورُ (٣) يرَون أن ذلك لا يكفي، …


(١) "الذنوب": الدلو العظيمة، وقيل: لا تسمى ذنوبًا إلا إذا كان فيها ماء. انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير (٢/ ١٧١).
(٢) أخرجه البخاري (٢٢٠)، عَنْ أبي هريرة، قال: قام أعرابيٌّ، فبال في المسجد، فتناوله الناس، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: "دَعُوه وهَريقُوا على بوله سجلًا من ماءٍ، أو ذنوبًا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين").
(٣) وهو مذهب المالكية والحنابلة، والشافعية في الأصح عندهم إلا أنها لا تطهر بغير الماء.
مذهب المالكية، يُنظر: "أسهل المدارك" للكشناوي (١/ ٣٤) حيث قال: "وأما الخبث فهو عبارة عن النجاسة القائمة بالشخص أو الثوب أو المكان، وهذه الأشياء هي المعبر عنها بالأحداث والأخباث، ولا يصح التطهير منها إلا بالماء الطاهر، وهو المطلق الذي أشار إليه المصنف بقوله: "وهو ما كان على خلقته أو تغير بما لا ينفك عنه غالبًا كقراره والمتولد منه".
مذهب الشافعية، يُنظر: "المهذب في فقه الإمام الشافعي" للشيرازي (١/ ٩٧) حيث قال: "إذا أصاب الأرض نجاسة ذائبة في موضع ضاح، فطلعت عليه الشمس وهبت=

<<  <  ج: ص:  >  >>