للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا خلاف بين العلماء بأن قبض الرهن يؤخذ في الأصل من يد الرهن، لكن لو قُدِّر أن إنسانًا غصب دارًا ثم بعد ذلك أراد أن يحولها رهنًا، فهل يجوز؟ نعم، جمهور العلماء يجيزون ذلك.

* قوله: (فَقَالَ مَالِكٌ: يَصِحُّ أَنْ يُنْقَلَ الشَّيْءُ المَغْصُوبُ مِنْ ضَمَانِ الغَصْبِ إِلَى ضَمَانِ الرَّهْنِ، فَيَجْعَلُ المَغْصُوبُ مِنْهُ الشَّيْءَ المَغْصُوبَ رَهْنًا فِي يَدِ الغَاصِبِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْهُ).

والذين قالوا بالجواز: أبو حنيفة (١)، ومالك (٢)، وأحمد (٣)، وخالف في ذلك الشافعي، وسيبين المؤلف رَحِمَهُ اللهُ وجهةَ كلامه.

* قوله: (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ، بَلْ يَبْقَى عَلَى ضَمَانِ الغَصْبِ إِلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ (٤). وَاخْتَلَفُوا فِي رَهْنِ المُشَاعِ).

ورهنُ المشاع، كأن يقول: رهنتك دارًا من دوري أو أرضًا من أراضي أو عبدًا من عبيدي أو دابَّة من دوابِّي، من غير أن يعيِّن، فهل يجوز ذلك؟ نعم، اتَّفق العلماء على جوازه.


(١) يُنظر: "التجريد"، للقدوري (٦/ ٢٧٦٤)، قال: "قال أصحابنا: إذا رهن المالك العين المغصوبة من الغاصب، صحَّ الرهن، وزال ضمان الغصب، وتجدد ضمان الرهن".
(٢) يُنظر: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف" للقاضي عبد الوهاب (٢/ ٥٧٧)، قال: "إذا رهن عنده عينًا كان غصبها قبل قبضها جاز، وسقط ضمان الغصب".
(٣) قال ابن قدامة: "وإن رهنه مالًا له في يد المرتهن؛ عارية أو وديعة أو غصبًا أو نحوه، صحَّ الرهن؛ لأنه مالك له يمكن قبضه، فصحَّ رهنه، كما لو كان في يده. وظاهر كلام أحمد لزوم الرهن بنفس العقد، من غير احتياج إلى أمر زائد، فإنه قال: إذا حصلت الوديعة في يده بعد الرهن، فهو رهن. فلم يعتبر أمرًا زائدًا؛ وذلك لأن اليد ثابتة، والقبض حاصل". انظر "المغني" (٤/ ٢٥٠، ٢٥١).
(٤) انظر: "مختصر المزني" (٨/ ١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>