للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلف، والمؤلف نسب ذلك إلى أهل الظاهر، أما كافة العلماء فإنهم قالوا: إن الرهن ثابت في الحضر وفي السفر، وهو لا يختلف في الحكم، لكن الله سبحانه وتعالى ذكر ذلك في السفر؛ لأنه رتبه على الكاتب فقال: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} فإن الغالب في السفر ألَّا يوجد كاتب فذكر الله تعالى الرهان، أي: الرهن، فخرج مخرج الغالب، وهذا الغالب هو أنه لا يوجد غالبًا في السفر كاتب، فالرهن مشروعٌ حضرًا وسفرًا.

* قوله: (فَذَهَبَ الجُمْهُورُ إِلَى جَوَازِهِ).

وفي مقدمة الجمهور الأئمة الأربعة وقبلهم الصحابة والتابعون (١).

* قوله: (وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ (٢)، وَمُجَاهِدٌ: لَا يَجُوزُ فِي الحَضَرِ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَر} [البقرة: ٢٨٣] الآيَةَ (٣).


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٦/ ١٣٥)، قال: "وكذا السفر ليس بشرط لجواز الرهن، فيجوز الرهن في السفر والحضر جميعًا؛ لما روي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استقرض بالمدينة من يهودي طعامًا ورهنه به درعه، وكان ذلك رهنًا في الحضر".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف"، للقاضي عبد الوهاب (٢/ ٥٧٦)، قال: "يجوز الرهن في السفر والحضر. خلافًا لمجاهد".
ومذهب الشافعية، ينظر: "التهذيب في فقه الإمام الشافعي"، للبغوي (٤/ ٣)، قال: "والرهنُ جائز لتوثيق الدَّين في السفر والحضر جميعًا".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (٢/ ١٠٤)، قال: "ويجوز حضرًا وسفرًا؛ لأنه روي أن ذلك كان بالمدينة، وذكر السفر في الآية خرج مخرج الغالب، ولهذا لم يشترط عدم الكاتب".
(٢) يُنظر: "المحلى"، لابن حزم (٦/ ٣٦٢)، قال: "لا يجوز اشتراط الرهن إلا في البيع إلى أجل مسمى في السفر، أو في السلم إلى أجل مسمى في السفر خاصة، أو في القرض إلى أجل مسمى في السفر خاصة، مع عدم الكاتب في كلا الوجهين". وهو قول داود الظاهري. انظر: "تنقيح التحقيق"، لابن عبد الهادي (٤/ ١١٦).
(٣) قال ابن المنذر: "ولا نعلم أحدًا خالف ذلك في القديم والحديث، إلا مجاهدًا، فإنه قال: ليس الرهن إلا في السفر. فالرهن جائز في السفر بالكتاب، وفي الحضر بالسنة، وبه قال عامة أهل العلم". انظر: "الإشراف على مذاهب العلماء" (٦/ ١٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>