للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصحاب السنن، من النسائي (١)، وأحمد (٢)، وغيرهم (٣)، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: "الظَّهر يركَب بنفقته إن كان مرهونًا، ولبن الدر يُشرَب بنفقته إن كان مرهونًا وعلى الذي يَركَب ويَشرَب النفقة"، فهو جاء بهذا اللفظ.

* قوله: (قَالُوا: وَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ بِقَوْلِهِ: "مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ"؛ أَيْ: يَرْكبُهُ الرَّاهِنُ وَيَحْلِبُهُ؛ لِأَنَّهُ كَأنَ يَكُون غَيْرَ مَقْبُوضٍ، وَذَلِكَ مُنَاقِضٌ لِكَوْنِهِ رَهْنًا، فَإِنَّ الرَّهنَ مِنْ شَرْطِهِ القَبْضُ، قَالُوا: وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ المُرْتَهِنَ يَحْلِبُهُ وَيَرْكبُهُ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ المَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ أُجْرَةَ ظَهْرِهِ لِرَبِّهِ، وَنَفَقَتَهُ عَلَيْهِ (٤). وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِعُمُومِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "الرَّهْنُ مِمَّنْ رَهَنَهُ، لَهُ غُنْمُهُ، وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ" (٥). قَالُوا: وَلِأنَّهُ نَمَاءٌ زَائِدٌ عَلَى مَا رَضِيَهُ رَهْنًا، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ إِلَّا بِشَرْطٍ زَائِدٍ (٦)، وَعُمْدَةُ أَبِي حَنِيفَةَ).

ومن معَه.

* قوله: (أَنَّ الفُرُوعَ تَابِعَةٌ لِلأصُولِ فَوَجَبَ لَهَا حُكْمُ الأَصْلِ؛


(١) أخرجه أبو داود (٣٥٢٦)، والترمذي (١٢٥٤)، وابن ماجه (٢٤٤٠) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (١٤٠٩).
(٢) أخرجه أحمد (١٠١١٠) وصحح الأرناؤوط إسناده على شرط الشيخين.
(٣) أخرجه ابن حبان (١٣/ ٢٦١)، والبزار (١٧/ ٨٤) "البحر الزخار"، وابن الجارود في "المنتقى" حديث (٦٦٥). وصححه الأرناوؤط.
(٤) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ١٣٦) قال: " (الرهن مركوب ومحلوب)، أي: أجر ظهره لربه ونفقته عليه ولا يجوز أن يكون ذلك للمرتهن؛ لأنه رِبًا من أجل الدين الذي له، ولا يجوز أن يكون الراهن يلي الركوب والحلاب؛ لأنه كان يصير -حينئذٍ - الرهن عنده غير مقبوض والرهن لا بد أن يكون مقبوضًا ولو ركبه لخرج من الرهن".
(٥) سبق تخريجه.
(٦) يُنظر: "البيان" للعمراني (٦/ ٦٣) قال: "و (الغنم): هو النماء، فمن قال: إنه رهن، فقد خالف الخبر، ولأن الرهن عقد لا يزيل الملك عن الرقبة، فلم يسر إلى الولد، كالإجارة، ولأن الرهن حق تعلق بالرقبة ليستوفي من ثمنها، فلم يسر إلى الولد، كالأرش في الجناية".

<<  <  ج: ص:  >  >>