للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية: وإما أن يكون رهنًا لا يحتاج إلى نفقة كالدار أو المتاع.

أما ما يحتاج إلى نفقة ومُؤْنةٍ كالحيوان مثلًا فيركب ويحلب، وكذلك الغلام إذا استخدمه عنده في عمل، والذي لا يحتاج إلى مؤنة أو نفقة فبعض العلماء تكلَّم عنه، وقال: لا يجوز للمرتهن أن يستفاد منه بحال إلا بعد موافقة صاحب الرهن، فإن وافق الراهن أيضًا لا يخلو من أمرين: إما أن تكون الاستفادة بعوضٍ أو بغير عوض، فإن كانت بغير عوض فيكون بين أمرين بالنسبة للحق وهو حق المرتهن على الراهن إنما هو قرض فلا يجوز للمرتهن أن ينتفع من الرهن بشيء؛ لأنه يدخل تحت القرض الذي يجرّ نفعًا وهذا هو عين الربا.

أما إن كان من غير قرض كأن يكون مثلًا قيمة سلعة، أو أجرة دار، أو نحو ذلك فيجوز له (١)، وأما إن كان بعوض قالوا: يجوز شريطة ألا يحابيه في ذلك؛ لأنه صاحب حق عليه (٢)، ونأتي الآن إلى محلِّ الخلاف الذي ذكره المؤلف وهو ما يكون مركوبًا أو محلوبًا فهل يجوز للمرتهن أن ينتفع به دون إذن الراهن؟ فالحنابلة في الرواية المشهورة عندهم يجيزون ذلك (٣)، وجمهور


(١) يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير" (٣/ ٢٤٦) قال: " (وجاز) للمرتهن (شرط منفعته)، أي: الرهن لنفسه مجانًا بشرطين أشار للأول بقوله: (إن عينت) مدتها للخروج من الجهالة في الإجارة، وللثاني بقوله: وكان (ببيع)، أي: واقعًا في عقد بيع فقط (لا) في عقد (قرض)؛ لأنه في البيع بيع وإجارة وهو جائز وفي القرض سلف جر نفعًا، وهو لا يجوز فيمنع شرطها والتطوع بها في القرض عينت أم لا كالتطوع بالمعينة في البيع وهذا مفهوم قوله شرط، وكذا يمنع في غير المعينة في البيع بشرط أو لا وهذا مفهوم الشرط".
(٢) يُنظر: "التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب"، لخليل (٦/ ٩٤)، قال: "أما إن أباح له الانتفاع بعد؛ فلا يجوز في بيع ولا قرض؛ لأنه إن كان بغير عوض هدية مديان، كذا نص ابن راشد وغيره على المنع. وإن كان بعوض جرى على الكلام في مبايعة المديان، قاله اللخمي".
(٣) يُنظر: "الإقناع"، للحجاوي (٢/ ١٧٠)، وفيه: "وإذا كان مركوبًا أو محلوبًا فله أن يركب ويحلب حيوانًا ولو أمة مرضعة بغير إذن راهن بقدر نفقته نصًّا متحريًا للعدل في ذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>